وفي شرح ابن أبي
الحديد ( ٣ / ١٥ ) : روى أبو الحسن عليّ بن محمد بن أبي سيف المدائني [ في كتاب الأحداث ، قال : كتب معاوية نسخة واحدة إلى عمّاله بعد عام الجماعة : أن برئت الذمّة ممّن روى شيئاً ]
من فضل أبي تراب وأهل بيته ، فقامت الخطباء في كلّ كورة وعلى كلّ منبر يلعنون عليّاً ويبرؤون منه ويقعون فيه
وفي أهل بيته ، وكان أشدُّ الناس بلاءً حينئذٍ أهل الكوفة لكثرة من بها من شيعة عليّ عليهالسلام فاستعمل عليهم زياد بن سميّة وضمَّ إليه البصرة ، فكان يتتبّع الشيعة وهو بهم
عارفٌ لأنّه كان منهم أيّام عليّ عليهالسلام فقتلهم تحت كلّ حجر ومدر وأخافهم ، وقطع
الأيدي والأرجل ، وسمل العيون ، وصلبهم على جذوع النخل ، وطردهم وشرّدهم عن العراق ، فلم يبق بها معروفٌ منهم. وكتب معاوية إلى عمّاله في جميع الآفاق : أن لا
يُجيزوا لأحد من شيعة عليّ وأهل بيته شهادة. وكتب إليهم : أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبّيه وأهل ولايته والذين يروون فضائله ومناقبه فأدنوا مجالسهم وقرّبوهم وأكرموهم واكتبوا لي بكلّ ما يروي كلّ رجل منهم واسمه واسم أبيه وعشيرته. ففعلوا ذلك حتى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه لما كان يبعثه إليهم
معاوية من الصلات والكساء والحباء والقطائع ، ويفيضه في العرب منهم والموالي ، فكثر ذلك في كلّ مصر وتنافسوا في المنازل والدنيا ، فليس يجيء أحدٌ مردودٌ من الناس عاملاً من عمّال معاوية فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة إلّا كتب اسمه وقرّبه وشفّعه
فلبثوا بذلك حيناً ، ثم كتب إلى عمّاله : إنَّ الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كلّ مصر وفي
كلّ وجه وناحية ، فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأوّلين ولا تتركوا خبراً يرويه أحدٌ من المسلمين في أبي تراب إلّا وتأتوني
بمناقض له في الصحابة مفتعلة ، فإنَّ هذا أحبُّ إليَّ ، وأقرُّ لعيني ، وأدحض
لحجّة أبي تراب وشيعته ، وأشدُّ إليهم من مناقب عثمان وفضله.
ثم كتب إلى عمّاله
نسخة واحدةٌ إلى جميع البلدان : انظروا إلى من قامت عليه
___________________________________