قوىً متيسّرة : زياد بن سميّة ، ومن الزائد جدّاً بحثنا عن جرائمه الوبيلة التي حفظها له التاريخ ، واسودّت بها صفحات تاريخه ، ولا بدع وهو وليد البغاء من الأدعياء المشهورين ، ربيب حجر سميّة البغيّ ، والإناء إنّما يترشّح بما فيه ، والشوك لا يثمر العنب ، وقد صدق النبيّ الكريم في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في السبطين ووالديهما : « لا يحبّهم إلّا سعيد الجدّ طيّب المولد ، ولا يبغضهم إلّا شقي الجدّ رديّ المولد ». وكان السلف يبور أولادهم (١) بحبّ عليّ عليهالسلام فمن كان لا يحبّه علموا أنَّه لغير رشدة (٢). فلا تعجب من الدعيّ ومن كتابه القارص إلى الإمام السبط الحسن الزكي عليهالسلام قد شفع إليه في رجل من شيعته. قال ابن عساكر : كان سعد بن سرح مولى حبيب بن عبدشمس من شيعة عليّ بن أبي طالب ، فلمّا قدم زياد الكوفة والياً عليها أخافه وطلبه زياد ، فأتى الحسن ابن عليّ فوثب زياد على أخيه وولده وامرأته وحبسهم وأخذ ماله وهدم داره ، فكتب الحسن إلى زياد : « من الحسن بن عليّ إلى زياد. أمّا بعد : فإنَّك عمدت إلى رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم ، فهدمت داره ، وأخذت ماله وعياله فحبستهم ، فإذا أتاك كتابي هذا فابن له داره ، واردد عليه عياله وماله ، فإنّي قد أجرته فشفِّعني فيه ». فكتب إليه زياد :
من زياد بن أبي سفيان إلى الحسن بن فاطمة. أمّا بعد : فقد أتاني كتابك تبدأ فيه بنفسك قبلي وأنت طالب حاجة وأنا سلطان ، وأنت سوقة كتبتَ إليَّ في فاسق لا يؤبه به ، وشرٌّ من ذلك تولّيه أباك وإيّاك ، وقد علمت أنّك أدنيته إقامةً منك على سوء الرأي ورضى منك بذلك ، وايم الله لا تسبقني به ، ولو كان بين جلدك ولحمك ، وإن نلت بعضك فغير رفيق بك ولا مرع عليك ، فإنَّ أحبَّ لحم إليَّ أن آكل منه اللحم الذي أنت منه ، فسلّمه بجريرته إلى من هو أولىٰ به منك ، فإن عفوتُ عنه لم أكن
___________________________________
(١) أي : يختبرون طيب مولدهم.
(٢) مرّت تلكم الأحاديث [ في الجزء ٣ وغيره وفي مواضع كثيرة ] وستأتي في مسند المناقب ومرسلها. ( المؤلف )