شفّعتك فيه ، وإن قتلته لم أقتله إلّا لحبّه أباك الفاسق ، والسلام (١).
ولمّا بلغ موته ابن عمر قال : يابن سميّة لا الآخرة أدركت ولا الدنيا بقيت عليك.
كان زياد جمع الناس بالكوفة بباب قصره يحرِّضهم على لعن عليّ عليهالسلام. وفي لفظ البيهقي : يحرّضهم على البراءة من عليّ كرّم الله وجهه ، فملأ منهم المسجد والرحبة فمن أبى ذلك عرضه على السيف. وعن المنتظم لابن الجوزي (٢) : أنّ زياداً لمّا حصبه أهل الكوفة وهو يخطب على المنبر قطع أيدي ثمانين منهم ، وهمّ أن يخرّب دورهم ، ويجمّر نخلهم ، فجمعهم حتى ملأ بهم المسجد والرحبة يعرضهم على البراءة من علي عليهالسلام ، وعلم أنّهم سيمتنعون فيحتجُّ بذلك على استئصالهم وإخراب بلدهم. فذكر عبد الرحمن بن السائب ، قال : أحضرت فصرت إلى الرحبة ومعي جماعة من الأنصار ، فرأيت شيئاً في منامي وأنا جالسٌ في الجماعة وقد خفقت ، وهو أنّي رأيت شيئاً طويلاً قد أقبل فقلت : ما هذا ؟ فقال : أنا النقّاد ذو الرقبة بُعثت إلى صاحب هذا القصر ، فانتبهت فزعاً فما كان إلّا مقدار ساعة حتى خرج خارجٌ من القصر فقال : انصرفوا فإنّ الأمير عنكم مشغولٌ ، وإذا به قد أصابه ما ذكرنا من البلاء ، وفي ذلك يقول عبد الله بن السائب :
ما كان منتهياً عمّا أراد بنا |
|
حتى تأتّى له النقّاد ذو الرقبه |
فأسقط الشق منه ضربةٌ ثبتت |
|
لمّا تناول ظلماً صاحب الرحبه (٣) |
___________________________________
(١) تاريخ ابن عساكر : ٥ / ٤١٨ [ ١٩ / ١٩٨ رقم ٢٣٠٩ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٩ / ٨٦ ] ، شرح ابن أبي الحديد : ٤ / ٧ ، ٧٢ [ ١٦ / ١٨ كتاب ٣١ ، ص ١٩٤ كتاب ٤٤ ]. ( المؤلف )
(٢) المنتظم : ٥ / ٢٦٣ رقم ٣٧٠.
(٣) مروج الذهب : ٢ / ٦٩ [ ٣ / ٣٦ ـ ٣٧ ] ، المحاسن والمساوئ للبيهقي : ١ / ٣٩ [ ص ٥٤ ـ ٥٥ ] ، قال المسعودي والبيهقي : صاحب الرحبة هو عليّ بن أبي طالب ، شرح ابن أبي الحديد : ١ / ٢٨٦ [ ٣ / ١٩٩ كتاب ٤٧ ] نقلاً عن ابن الجوزي. ( المؤلف )