قال السمهودي في وفاء الوفا (١) ( ١ / ٩١ ) : وأخرج ابن أبي خيثمة ؛ بسند صحيح إلى جويرية بنت أسماء : سمعت أشياخ المدينة يتحدّثون أنّ معاوية رضياللهعنه لمّا احتضر دعا يزيد فقال له : إنَّ لك من أهل المدينة يوماً فإن فعلوا فارمهم بمسلم بن عقبة فإنّي عرفت نصيحته. فلمّا ولي يزيد وفد عليه عبد الله بن حنظلة وجماعة ، فأكرمهم وأجازهم ، فرجع فحرّض الناس على يزيد وعابه ودعاهم إلى خلع يزيد فأجابوه ، فبلغ ذلك يزيد فجهّز إليهم مسلم بن عقبة. إلى آخره.
وأخرجه البلاذري في أنساب الأشراف (٢) ( ٥ / ٤٣ ) بلفظ أبسط من لفظ السمهودي.
معاوية وحُجر بن عدي وأصحابه
إنّ معاوية استعمل مغيرة بن شعبة على الكوفة سنة إحدى وأربعين ، فلمّا أمّره عليها دعاه وقال له : أمّا بعد : فإنَّ لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا. وقد قال المتلمّس :
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا |
|
وما علّم الإنسان إلّا ليعلما |
وقد يجزي عنك الحكيم بغير التعليم ، وقد أردت إيصاءك بأشياء كثيرة فأنا تاركها اعتماداً على بصرك بما يرضيني ، ويسعد سلطاني ، ويصلح رعيّتي ، ولست تارك إيصائك بخصلة : لا تقهم عن شتم عليّ وذمِّه ، والترحّم على عثمان والاستغفار له ، والعيب على أصحاب عليّ والإقصاء لهم ، وترك الاستماع منهم ، وإطراء شيعة عثمان رضوان الله عليه والإدناء لهم ، والاستماع منهم. فقال المغيرة : قد جرَّبت وجُرِّبت وعملت قبلك لغيرك ، فلم يذمم بي رفع ولا وضع ، فستبلو فتحمد أو تذمّ. ثم قال : بل نحمد إن شاء الله. فأقام المغيرة عاملاً على الكوفة سبع سنين وأشهراً وهو من أحسن شيء سيرة وأشدّه حبّاً للعافية ، غير أنّه لا يدع شتم عليّ والوقوع فيه والعيب
___________________________________
(١) وفاء الوفا : ١ / ١٣٠ الباب ٢.
(٢) أنساب الأشراف : ٥ / ٣٣٧.