غيّبتموه عنّي طويلاً ثم أهديتموه إليَّ قتيلاً ، فأهلاً بها من هديّة غير قالية ولا مقلية.
نعم ؛ هذه الأفاعيل إلى أمثالها من نماذج فقه أُمِّه آكلة الأكباد الذي سوّغ لها ما فعلت بعمِّ النبيّ الأعظم سيّد الشهداء حمزة سلام الله عليه ، واقتصَّ أثر أبيه يزيد بن معاوية فيما ارتكبه من سيّد شباب أهل الجنّة الحسين السبط صلوات الله عليه ، فقتله وآله وصحبه الأكرمين أشنع قتلة وطيف برؤوسهم الكريمة في الأمصار على سمر القنا فأعقبهما خزاية لا يغسلها مرّ الدهور ، وشية قُرِنَ ذكرها بالخلود.
على أنّه لو كان هناك قصاصٌ فهو لأولياء الدم وهم ولد عثمان ، وإن لم يكن هناك وليٌّ أو أنّه عجز عن تنفيذ الحكم فيقوم به خليفة الوقت فإنّه وليُّ الدم وأولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وهو يومئذٍ وقبله مولانا أمير المؤمنين علي عليهالسلام فهو موكولٌ إليه ، وكان عمرو بن الحمق في كنفه يراه ويبصر موقفه وخضوعه له ، فلو كان عليه قصاصٌ أجراه عليه وهو الذي لم تأخذه في الله لومة لائم ، وساوى عدله القريب والبعيد ، وكانت يده مبسوطة عند ذاك ، وعمرو أخضع له من الظلِّ لذيه ، ومعاوية عندئذٍ أحد أفراد الأُمّة ـ إن صدق أنَّه أحد أفرادها ـ لا يحويه عيرٌ ولا نفيرٌ ، ولا يناط به حكمٌ من أحكام الشريعة ، غير أنّه قحّمه في الورطات حبُّ الوقيعة في محبّي عليّ أمير المؤمنين عليهالسلام والله من ورائه حسيبٌ.
وجدَّ زياد في طلب
أصحاب حُجر وهم يهربون منه ويأخذ من قدر عليه منهم ، فجاء قيس بن عباد الشيباني إلى زياد فقال له : إنَّ امرأً منّا يقال له : صيفي
بن فسيل من رؤوس أصحاب حُجر وهو أشدُّ الناس عليه ، فبعث إليه فأُتي به ، فقال له زياد : يا عدوّ الله ما تقول في أبي تراب ؟ فقال : ما أعرف أبا تراب. قال : ما
أعرفك به ! أما تعرف عليَّ بن أبي طالب ؟ قال : بلى. قال : فذلك أبو تراب. قال : كلّا
ذاك أبو الحسن والحسين. فقال له صاحب الشرطة : أيقول لك الأمير : هو أبو تراب ، وتقول