أبداً أو يقتلني. قالوا : كلّا. فوضع يده في أيديهم ، فأقبلوا به إلى زياد. فلمّا دخلوا عليه قال زياد : وحيّ عسى تعزّون على الدين ، أما والله لأجعلنَّ لك شاغلاً عن تلقيح الفتن والتوثّب على الأمراء. قال : إنّي لم آتك إلّا على الأمان. قال : فانطلقوا به إلى السجن ، وقُتل مع من قُتل من أصحاب حُجر.
بعث زياد بُكير بن حمران الأحمري إلى عبد الله بن خليفة الطائي وكان شهد مع حُجر ، فبعثه في أُناس من أصحابه فأقبلوا في طلبه فوجدوه في مسجد عديِّ بن حاتم فأخرجوه ، فلمّا أرادوا أن يذهبوا به وكان عزيز النفس امتنع منهم فحاربهم وقاتلهم فشجّوه ورموه بالحجارة حتى سقط فنادت ميثاء أُخته : يا معشر طيّئ أتسلمون ابن خليفة لسانكم وسنانكم ؟ فلمّا سمع الأحمريّ نداءها خشي أن تجتمع طيّئ فيهلك فهرب ، فخرج نسوةٌ من طيّئ فأدخلنه داراً ، وانطلق الأحمريّ حتى أتى زياداً فقال : إنّ طيئاً اجتمعت إليَّ فلم أطقهم فأتيتك ، فبعث زيادٌ إلى عديّ وكان في المسجد فحبسه وقال : جئني به وقد أُخبر عديُّ بخبر عبد الله ، فقال عديّ : كيف آتيك برجل قد قتله القوم ؟ قال : جئني حتى إن قد قتلوه. فاعتلَّ له وقال : لا أدري أين هو ولا ما فعل. فحبسه فلم يبق رجل من أهل المصر من أهل اليمن وربيعة ومضر إلّا فزع لعديّ ، فأتوا زياداً فكلّموه فيه. وأُخرِجَ عبد الله فتغيّب في بُحْتُر (١) ، فأرسل إلى عديّ إن شئت أن أخرج حتى أضع يدي في يدك فعلتُ ، فبعث إليه عديّ : والله لو كنتَ تحت قدميّ ما رفعتهما عنك. فدعا زيادٌ عديّاً فقال له : إنّي اُخلي سبيلك على أن تجعل لي لتنفيه من الكوفة ولتسير به إلى جبلي طيّئ. قال : نعم. فرجع وأرسل إلى عبد الله ابن خليفة : أُخرُجْ فلو قد سكن غضبه لكلّمته فيك حتى ترجع إن شاء الله. فخرج
___________________________________
(١) بُحْتُر : روضة في وسط أجا أحد جبلي طيّئ ، كأنها مسمّاة بالقبيلة ، وهو بُحْتُر بن عَتُود بن ... بن طيّئ.