وكتب في الشهود شريح بن الحرث ، وشريح بن هانئ ، فأمّا شريح بن الحرث فقال : سألني عنه فقلت : أما إنَّه كان صوّاماً قوّاماً. وأمّا شريح بن هانئ فقال : بلغني أنَّ شهادتي كتبت فأكذبته ولُمته ، وكتب كتاباً إلى معاوية وبعثه إليه بيد وائل بن حجر وفي الكتاب : بلغني أنَّ زياداً كتب شهادتي ، وأنَّ شهادتي على حُجر أنَّه ممّن يقيم الصلاة ، ويؤتي الزكاة ، ويُديم الحجَّ والعمرة ، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، حرام الدم والمال ، فإن شئت فاقتله ، وإن شئت فدعه. فلمّا قرأ معاوية الكتاب قال : ما أرى هذا إلّا قد أخرج نفسه من شهادتكم.
وكتب شهادة السريّ بن وقّاص الحارثي وهو غائبٌ في عمله.
قال الأميني : هذه شهادة زور لفّقها ابن أبيه أو ابن أُمّه على أصناف من الناس ، منهم الصلحاء والأخيار الذين أكذبوا ذلك العزو المختلق كشريح بن الحرث وشريح ابن هانئ ومن حذا حذوهما ، وشهدوا بخلاف ما كُتب عنهما. ومنهم من كانوا غائبين عن ساعة الشهادة وساحتها ، لكنَّ يد الإفك أثبتتها عليهم كابن وقّاص الحارثي ومن يُشاكله. ومنهم رجرجةٌ من الناس يستسهلون شهادة الزور ويستسيغون من جرّائها إراقة الدماء ليس لهم من الدين موضع قدَم ولا قِدَم : كعمر بن سعد ، وشمر بن ذي الجوشن ، وشبث بن ربعي ، وزجر بن قيس ، فتناعقوا بشهادة باطلة لأجلها وصفهم الدعيُّ بأنّهم خيار أهل المصر وأشرافهم ، وذوو النهى والدين. وإنَّ معاوية جدُّ عليم بحقيقة الحال لكنّ شهوة الوقيعة في كلِّ ترابيّ حبّذت له قبول الشهادة المزوّرة والتنكيل بحُجر وأصحابه الصلحاء الأخيار ، فصرم بهم أُصول الصلاح وقطع أواصرهم يوم أودى بهم ، ولم يكترث لمغبّة ما ناء به من عمل غير مبرور. فإلى الله المشتكى.
تسيير حُجر وأصحابه إلى معاوية ومقتلهم :
دفع زياد حُجر بن عدي
وأصحابه إلى وائل بن حُجر الحضرمي وكثير بن شهاب وأمرهما أن يسيرا بهم إلى الشام ، فخرجوا عشيّةً وسار معهم صاحب