ما أحوج معاوية مع هذه كلّها إلى نصح ضرائب عائشة في هذه الموبقة الكبيرة ، وهي نفسها لم تكترث لسفك دماء آلاف مؤلّفة ممّن حسبتهم أبناءها على حد قول الشاعر :
جاءت مع الأَشقينَ في هودجٍ |
|
تزجي إلى البصرة أجنادَها |
كأنّها في فعِلها هرّةٌ |
|
تُريد أن تأكلَ أولادها |
نعم ؛ مضى حُجر سلام الله عليه إلى ربّه سجيح الوجه ، وضيء الجبين ، حميداً سعيداً مظلوماً مُهتضماً ، مضرّجاً بدمه ، مصفّداً بقيود الظلم والجور ، خاتماً حياته الحميدة بالصلاة ، قائلاً : لا تطلقوا عنّي حديداً ، ولا تغسلوا عنّي دماً ، وادفنوني في ثيابي فإنّي مخاصم. وفي لفظ : فإنّا نلتقي معاوية على الجادّة (١). وأبقت تلك الموبقة على معاوية خزي الأبد ، وعدَّ الحسن من أربع خصال كنَّ في معاوية لو لم يكن فيه منهنَّ إلّا واحدة لكانت موبقة : قتله حُجراً ، وقال : ويلٌ له من حُجر وأصحاب حُجر (٢).
ونحن على يقين من أنّ الله تعالى سيأخذ ابن آكلة الأكباد بما خطّته يده الأثيمة إلى أهل البصرة من قوله : إنَّ سفك الدماء بغير حلّها ، وقتل النفوس التي حرّم الله قتلها ، هلاكٌ موبقٌ ، وخسرانٌ مبينٌ ، لا يقبل الله ممّن سفكها صرفاً ولا عدلاً (٣).
قال النسّابة أبو جعفر محمد بن حبيب البغدادي المتوفّى ( ٢٤٥ ) في كتابه المحبّر ( ص ٤٧٩ ) : صلب زياد بن أبيه مسلم بن زيمر وعبد الله بن نُجيّ الحضرميّين ، على
___________________________________
(١) مستدرك الحاكم : ٣ / ٤٦٩ ، ٤٧٠ [ ٣ / ٥٣٣ ح ١٥٧٧ ، ١٥٧٩ ] ، الاستيعاب : ١ / ١٣٥ [ القسم الأول / ٣٣١ رقم ٤٨٧ ] ، كامل ابن الأثير : ٤ / ٢١٠ [ ٢ / ٥٠٠ حوادث سنة ٥١ هـ ] أُسد الغابة : ١ / ٣٨٦ [ ١ / ٤٦٢ رقم ١٠٩٣ ] ، الإصابة : ١ / ٣١٥ [ ١٦٢٩ ]. ( المؤلف )
(٢) مرّ تمام حديث الحسن في ص ٢٢٥ من الجزء العاشر. ( المؤلف )
(٣) شرح ابن أبي الحديد ١ / ٣٥٠ [ ٤ / ٣٩ كتاب ٥٥ ]. ( المؤلف )