الشام : إنَّ عليّاً وجّه الأشتر إلى مصر فادعوا الله أن يكفيكموه. فكانوا كلَّ يوم يدعون الله على الأشتر ، وأقبل الذي سقاه إلى معاوية فأخبره بمهلك الأشتر ، فقام معاوية خطيباً فحمد الله وأثنى عليه وقال : أمّا بعد : فإنّه كانت لعليّ يمينان قطعت إحداهما يوم صفّين يعني عمّار بن ياسر ، وقطعت الأخرى اليوم. يعني الأشتر (١).
وفي لفظ ابن قتيبة في العيون ( ١ / ٢٠١ ) : فقال معاوية لمّا بلغه الخبر : يا بردَها على الكبد ! إنَّ لله جنوداً منها العسل. وقال عليٌّ : لليدين وللفم (٢).
وفي لفظ المسعودي في المروج (٣) ( ٢ / ٣٩ ) : ولّى عليٌّ الأشتر مصر وأنفذه إليها في جيش ، فلمّا بلغ ذلك معاوية دسَّ إلى دهقان وكان بالعريش (٤) فأرغبه وقال : أترك خراجك عشرين سنة فاحتل للأشتر بالسمِّ في طعامه. فلمّا نزل الأشتر العريش سأل الدهقان : أيّ الطعام والشراب أحبّ إليه ؟ قيل : العسل. فأهدى له عسلاً وقال : إنَّ من أمره وشأنه كذا وكذا ، ووصفه للأشتر وكان الأشتر صائماً فتناول منه شربة فما استقرّت في جوفه حتى تلف ، وأتى من كان معه على الدهقان ومن كان معه. وقيل : كان ذلك بالقلزم والأوّل أثبت. فبلغ ذلك علياً فقال : لليدين وللفم. وبلغ ذلك معاوية فقال : إنَّ لله جنداً من العسل.
قال الأميني : ها هنا تجد معاوية كيف لا يتحوّب من ذلك الحوب الكبير قتل العبد الصالح الممدوح بلسان رسول الله وخليفته مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام (٥). وأنّه
___________________________________
(١) تاريخ الطبري : ٦ / ٥٤ [ ٥ / ٩٦ حوادث سنة ٣٨ هـ ] ، كامل ابن الأثير : ٣ / ١٥٢ [ ٢ / ٤١٠ حوادث سنة ٣٨ هـ ]. ( المؤلف )
(٢) كذا في المصدر وليس بصحيح ، فهذه كلمة تقال للرجل إذا دُعي عليه بسوء ، ولا يصحّ صدورها من أمير المؤمنين بحقّ من كان منه بمنزلته هو عليهالسلام من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٣) مروج الذهب : ٢ / ٤٢٩.
(٤) هي مدينة كانت أول عمل مصر من ناحية الشام على ساحل بحر الروم. ( المؤلف )
(٥) راجع ما أسلفناه في الجزء التاسع : ص ٣٨ ـ ٤١. ( المؤلف )