بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
المدرسة اللغوية المصرية (١)
أمامى اتجاه مدرسى لغوى برز من خلال تعمق الدرس النحوى مادة ومنهج تناول على أيدى علماء تعاقبوا ردحا من الزمن على تعميق هذا الاتجاه الذى ظل يتعاظم وأخذت أبعاده تتحدد على نحو استحق أن يطلق عليه اسم مدرسة لغوية (من وجهة نظرنا). وذلك لأن الدراسة تكشف فى كل مبحث عن وجود نظريات لغوية ذات أبعاد ومبادئ تتفق فى كثير من الحالات مع النظريات اللغوية المحدثة وقد تتقدم عليها فى بعض الأحايين.
كما أنها تظهر اتجاهات منهجية فى طريقة تناول المادة اللغوية والتعامل مع معطياتها على النحو الذى يقيم عليه المحدثون مناهجهم التى خصوا بها طرق البحث اللغوى اليوم.
من ذلك على سبيل التمثيل :
المنهج الوصفى : وهم يذهبون إلى أنهم مبتكرو أسسه وأرى علماءنا طبقوها بأبعادها ومبادئها منذ قرون سحيقة (٢)
__________________
(١) ليس المقصود بالمدرسة اللغوية المصرية التأريخ لحركة الدراسة اللغوية النحوية فى مصر وإن كان لا يمكن أن يجهل دور هذه الحركة فى بلورة هذا الاتجاه المدرسى فيما بعد. ولا سيما وأن العناية بهذه الدراسة بدأت مبكرة حيث كانت الفسطاط والإسكندرية وغيرهما من عواصم مصر مراكز جذب لكثير من العلماء على نحو ما كان إزاء عبد الله بن هرمز تلميذ أبى الأسود الدؤلى المتوفى بالاسكندرية سنة ١١٧ ه وعلى نحو الذين برزوا من القراء مثل ورش : عثمان بن سعيد القبطى الذى انتهت اليه رئاسة الإقراء بالديار المصرية والذى كان ماهرا فى العربية وقد حمل عنه قراءته كثيرون أذاعوها فى بقية الأنحاء سواء فى الأندلس أو المغرب أو غير ذلك.
كما برز نحاة حملوا راية النحو فى الآفاق مثل : ولاد بن محمد التميمى الذى نشأ بالفسطاط ورحل إلى العراق ولقى الخليل بن أحمد ومعاصره أبو الحسن الأعز الذى تتلمذ على الكسائى.
وظلت طبقات الدارسين فى تعاقب إلى أن انتهت إلى العلماء الذين تبلور عندهم الاتجاه المدرسى الذى نشير إليه ويمكن الرجوع إلى كتاب المدارس النحوية للدكتور شوقى ضيف حيث أفرد فيه قسما خاصا تحت عنوان المدرسة المصرية من ص ٣٢٧ إلى ص ٣٦٥ غير أن مقصدنا المدرسة ذات الاتجاهات المنهجية.
(٢) انظر التعليقات التى أوردناها عند كل واحدة خلال صفحات الكتاب.