على اتقوا ، وعملوا الصالحات عطف على ما تقدم أيضا (ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا) عطف أيضا ، وسيأتي سر التكرير البديع في باب البلاغة (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) الواو استئنافية ، والله مبتدأ ، وجملة يحب خبر ، والمحسنين مفعول به.
البلاغة :
تقدم البحث في التكرار أو التكرير ، وهما مصدران لكرّر المضعفة ، وقلنا : إن حده أن يكرر الكاتب أو الشاعر الكلمة أو الكلمتين فصاعدا ، لتأكيد ما يتحدث عنه ، ليزداد رسوخا في الذهن ، أو لغرض آخر. وفي هذه الآية يحتمل أن يكون التكرار إشارة إلى العلاقات التي يرتبط بها الإنسان في حياته ، وهي : علاقة الإنسان بنفسه ، وعلاقة الإنسان بغيره ، وعلاقة الإنسان بربه ، ولذلك عقّب عليها بالإحسان في الكرة الثالثة ، ويحتمل أن يكون إشارة إلى مراحل العمر الثلاث التي يجتازها الإنسان في رحلته الحياتية ، وهي : مرحلة البدء بالحياة ، ومرحلة الوسط في العمر ، ومرحلة المنتهى. ولعل الاحتمالين مرادان في هذا التكرار البديع ، زيادة في التقوى والتجمّل وإقامة الموازين القسط في جميع مراحل حياته وحالاته الثلاث ، وسيأتي من التكرير في هذا الكتاب ما يسحر الألباب ، واستمع الى قول البحتري متغزّلا :
ويوم تثنّت للوداع وسلّمت |
|
بعينين موصول بلحظهما السحر |
توهمتها ألوى بأجفانها الكرى |
|
كرى النوم أو مالت بأعطافها الخمر |