واحتج بقوله تعالى : «أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون».
وأجيب بأن المعنى : أردنا إهلاكها. ولا شك أن إرادة الإهلاك قبل مجيء البأس ، فيكون ترتيبا ذكريا إذ هو بيان لقوله : «أهلكناها» إذ هو مجمل. والحاصل أن الجمهور يقولون بإفادتها الترتيب مطلقا ، والفراء يمنع ذلك مطلقا. وقال الجرمي : لا تفيد الترتيب في البقاع ولا في الأمصار ، بدليل : «بين الدخول فحومل» ، وقولهم : «مطرنا بنوء بمكان كذا» فمكان كذا إذا كان وقوع الأمطار فيهما واحدا.
عودة الضمير :
قد أعربوا المضاف إليه بإعراب المضاف ، ولذلك عاد الضمير مؤنثا ومذكرا ، والمراد : وكم من أهل قرية ، ثم حذف المضاف الذي هو الأهل ، وعاد الضمير على الأمرين ، فأنّث في قوله : «فجاءها بأسنا» نظرا إلى التأنيث في اللفظ ، وهو القرية. وذكّر في قوله : «أو هم قائلون» ملاحظة للمحذوف ، فلما حذف المضاف أقيم المضاف إليه مقامه فباشره العامل فانتصب انتصاب المفعول به ، وإن لم يكن إياه في الحقيقة كذلك أعطوه حكمه في غير الإعراب من التأنيث والتذكير ، فمن ذلك قول حسان بن ثابت :
يسقون من ورد البريص عليهم |
|
بردى يصفّق بالرحيق السلسل |
والشاهد فيه تذكير الضمير الراجع إلى بردى ، وهو مؤنث.
والبريض موضع بأرض دمشق.