وإلّا كان كل باب (١) بل كل مسألة (٢) من كل علم علماً على حدة كما هو واضح لمن كان له أدنى تأمل ، فلا يكون الاختلاف بحسب الموضوع أو المحمول موجباً للتعدد (٣) كما لا يكون وحدتهما سبباً لأن يكون من الواحد (٤). ثم إنّه ربما لا يكون لموضوع العلم ـ وهو الكلي المتحد مع موضوعات المسائل ـ عنوان خاص واسم مخصوص ، فيصح أن يعبر عنه بكل ما دل عليه (٥) ، بداهة عدم دخل ذلك في موضوعيته أصلا (٦).
______________________________________________________
(١) أي : وإن لم يكن تمايز العلوم بتمايز الأغراض بل كان بتمايز الموضوعات أو المحمولات لزم أن يكون كل باب كباب الفاعل والمفعول من علم النحو وباب الألفاظ والأمارات مثلا من علم الأُصول علماً على حدة.
(٢) يعني : بل يلزم أن يكون كل مسألة علماً على حدة كرفع الفاعل وركنيته ومضمريته كما تقدم آنفاً ، لاختلاف المحمول في هذه المسائل ، فلو كان الملاك في وحدة العلم وتعدده وحدة المحمول وتعدده لزم أن يكون كل واحدة من هذه المسائل علماً مستقلا ، وهو واضح الفساد ، لامتياز مسائل العلم الواحد بعضها عن بعض موضوعاً أو محمولا أو كليهما كالفاعل مرفوع والمفعول منصوب.
(٣) أي : لتعدد العلم.
(٤) يعني : كما لا يكون وحدة الموضوع والمحمول ـ كقولنا : «الأمر حقيقة في الوجوب» المذكور في علمي الفقه والأصول ـ كاشفة عن وحدة الغرض ، لما عرفت من إمكان ترتب أغراض متعددة على قضية واحدة ، فليست وحدة المسألة موضوعاً ومحمولا سبباً لوحدة الغرض المترتب عليها.
(٥) ويشير إليه ويعرّفه بعنوان إجمالي.
(٦) لأنّ الغرض مترتب على ذات الموضوع ، لا على العنوان والاسم المشيرين إليه ، فعدم العلم باسمه لا يقدح في موضوعيته القائمة بذاته كما هو واضح.