والمجردات (١). نعم (٢) لا يبعد أن يكون لكل من الماضي والمضارع بحسب المعنى
______________________________________________________
(١) عن المادة سواء كان من صفات الذات مثل ـ علم الله تعالى ـ أم من صفات الفعل مع كون مفعوله مجرداً أيضا مثل ـ خلق الله الأرواح ـ أو غير مجرد مثل ـ خلق الله الأجسام ـ ، فإنّ الزمان ان كان مأخوذاً في مدلول الفعل ، فلا بد من تجريده عنه في هذه الأمثلة وكون استعماله فيها مجازاً ، وانحصار استعماله في المعنى الحقيقي بما إذا أُسند إلى الزماني ـ كضرب زيد ـ ، وهو خلاف الوجدان ، لما عرفت من عدم الفرق بين موارد إسناده وكونه حقيقة في الكل ، وهذا دليل على عدم أخذ الزمان في مدلول الفعل.
وبالجملة : فلا دليل على كون الزمان مأخوذاً في الفعل بحيث يدل عليه تضمناً كما هو ظاهر كلمات النحاة بل وغيرهم.
(٢) بعد أن نفي المصنف (قده) جزئية الزمان لمدلول الفعل وأنكر دلالته عليه تضمناً استدرك على ذلك واعترف بدلالته عليه التزاميا بتقريب : أنّ لمعنى الفعل الماضي والمضارع خصوصية تستلزم الزمان ، ويمتاز بها كل منهما عن الآخر ، وهي في الماضي تحقق النسبة وخروج الحدث من القوة إلى الفعل ومن العدم إلى الوجود ، وفراغ الفاعل عن شغله ، ومن المعلوم أنّ هذه الخصوصية تلازم الوقوع في الزمان الماضي ، وفي المضارع الحالي التلبس بالمبدإ والاشتغال به فعلاً ، وهذه الخصوصية تلازم زمان الحال ، وفي المضارع الاستقبالي مثل ـ سوف ينصر ـ التهيؤ والتصدّي لإيجاد مقدّمات حصول المبدأ ، وهذه الخصوصية تلازم زمان الاستقبال.
وبالجملة : فلا يدل الفعل الماضي والمضارع على الزمان تضمناً ، ولكنهما يدلان عليه التزاماً ، لمكان هذه الخصوصيات التي صارت منشئاً لتوهم جزئية الزمان لمدلول الفعل.