.................................................................................................
______________________________________________________
بأنّه تعيين اللفظ للدلالة على المعنى بلا اعتماد على معنى كما عن الفصول ، أو تعيين اللفظ للدلالة على المعنى بنفسه كما عن غيره ، ومنهم من فسره بجعل اللفظ علامة لإرادة المعنى ، ومنهم من فسره بجعل الهوهوية والاتحاد بين اللفظ والمعنى. فحقيقة الوضع على هذا هي الاتحاد الاعتباري بينهما الناشئ عن الجعل أو كثرة الاستعمال. ثم اختلفوا أيضا في أنّ الواضع هل هو الله تعالى شأنه كما عن جماعة ومنهم أبو الحسن الأشعري أم هو البشر كيعرب بن قحطان كما عن غيرهم؟ والغرض الإشارة إلى هذه الجهات دون التعرض لها تفصيلا ، فإنّه ينافي وضع التعليقة وان كان الحق أنّ الواضع هو المخلوق لقوة أودعها فيه خالق الموجودات جلّ وعلا يضعون بها ألفاظاً لإبراز ما في ضمائرهم من المعاني ، كما يخترعون بتلك القوة صناعات عجيبة ثم يضعون لها ألفاظاً كالراديو والتلفن والتلغراف وغير ذلك. وكيف كان فلنعطف عنان البحث إلى ما أفاده المصنف (قده) ومحصله : أنّه (لمّا لم تكن) التعريفات المذكورة في كتب القوم للوضع خالية عن المسامحة إمّا لأخذ فائدة الوضع وهي الدلالة على المعنى في مفهومه ، وإمّا لجعل الوضع بمعناه المصدري غير الشامل للوضع التعيني (عدل) عنها إلى تعريفه بما في المتن ، وهو يرجع إلى معنى اسم المصدر القابل للانقسام إلى التعييني والتعيني ، لأنّ الوضع ان لوحظ باعتبار صدوره فهو مصدر ، وان لوحظ باعتبار نفسه فهو اسم مصدر ، والفرق بينهما اعتباري. وكيف كان فالوضع كما يكون له وجود تكويني كجعل حجر على حجر كذلك يكون له وجود تشريعي يوجد بإنشاء من بيده الاعتبار نظير سائر الأُمور الاعتبارية المتحققة بالإنشاء كالملكية والزوجية وغيرهما. ثم إنّ الوضع بالمعنى المذكور في المتن يكون من صفات اللفظ ، لصحة توصيف اللفظ به بأن يقال : اللفظ الموضوع ، كما أنّه بمعنى تعهد الواضع أو تخصيص اللفظ بالمعنى من صفات الواضع.