ناشئ من تخصيصه (١) به تارة ومن كثرة استعماله فيه أُخرى ، وبهذا المعنى (٢) صح تقسيمه إلى التعييني والتعيني كما لا يخفى. ثم إنّ الملحوظ (٣) حال الوضع إمّا يكون معنى عاماً فيوضع اللفظ له تارة ولأفراده ومصاديقه أُخرى ، وإمّا يكون معنى خاصاً لا يكاد يصح إلّا وضع اللفظ له دون العام ، فتكون الأقسام ثلاثة ، وذلك لأنّ العام (٤) يصلح لأن يكون آلة للحاظ أفراده ومصاديقه
______________________________________________________
(١) أي : تخصيص الواضع اللفظ بالمعنى.
(٢) أي : اختصاص اللفظ بالمعنى.
(٣) لما كان الوضع من الأمور الإنشائية المتقومة بالتصور واللحاظ كسائر الإنشائيات التي لا توجد إلا بذلك وكان أمراً نسبياً متقوماً باللفظ والمعنى ، فلا بد من أن يلاحظ الواضع حين الوضع كلًّا من اللفظ والمعنى. ثم إنّ الوجوه المتصورة عقلاً في الوضع أربعة ، لأنّ المعنى الملحوظ إمّا كلّي وإمّا جزئي ، وعلى الأوّل إمّا أن يضع اللفظ بإزائه ، وإمّا أن يضعه بإزاء أفراده ، ويسمى أوّلهما بالوضع العام والموضوع له العام ، وثانيهما بالوضع العام والموضوع له الخاصّ. وعلى الثاني إمّا يضع اللفظ بإزائه وإمّا بإزاء الكلي الجامع بين ذلك المعنى الجزئي الملحوظ حين الوضع وبين غيره من الجزئيات المشاركة له في ذلك الكلي ، ويسمى الأول بالوضع الخاصّ والموضوع له الخاصّ ، والثاني بالوضع الخاصّ والموضوع له العام ، والممكن من هذه الأربعة هو ما عدا الأخير لما سيذكره المصنف (قده).
(٤) هذا تعليل لإنكار القسم الرابع ـ وهو الوضع الخاصّ والموضوع له العام ـ خلافاً لجماعة منهم المحقق صاحب البدائع ، وملخص ما أفاده المصنف في وجه الإنكار هو : أنّ الخاصّ بما هو خاص ـ كزيد ـ لا يصلح لأن يكون وجهاً للعام كالإنسان ، ولذا لا يصح حمل الخاصّ عليه ، فلا يقال : «الإنسان زيد» بخلاف العام ، فإنّه