كيف (١) وقد قيل بأنّ أكثر المحاورات مجازات ، فإنّ ذلك (٢) ـ لو سُلِّم ـ فإنّما هو لأجل تعدد المعاني المجازية بالنسبة إلى المعنى الحقيقي الواحد ، نعم ربما يتفق ذلك (٣) بالنسبة إلى معنى مجازي لكثرة الحاجة إلى التعبير عنه ، لكن أين
______________________________________________________
(١) يعني : كيف يكون هذا الاستعمال المجازي الكثير بعيداً غير ملائم لحكمة الوضع وقد قيل : إنّ أكثر المحاورات مجازات؟
(٢) المشار إليه هو كون أكثر المحاورات مجازات ، وهذا إشارة إلى دفع الإشكال الّذي ذكره بقوله : «لا يقال».
وحاصله : ـ بعد تسليم مجازية أكثر المحاورات ـ أنّ المقصود بهذه الكثرة هو تعدُّد المعاني المجازية بالنسبة إلى معنى حقيقي واحد كلفظ الأسد الموضوع لمعنى واحد مع استعماله في معانٍ مجازية عديدة كالرجل الشجاع وغيره ، ومن المعلوم : أنّ هذه الكثرة الموجودة في المحاورات غير قادحة في الوضع لمعنى واحد ، وغير موجبة لكون الوضع للجميع بل المقصود بالكثرة القادحة في حكمة الوضع وغير الملاءمة لها هو كون استعمال كل لفظ في المعنى المجازي الواحد أكثر من استعماله في معناه الحقيقي الواحد ، فإنّ هذه الكثرة لا تلائم حكمة الوضع وهي وضع اللفظ للمعنى الّذي تكثر الحاجة إليه ، والمفروض كون الحاجة إلى المعنى الانقضائي في المشتق أكثر من المعنى التلبُّسي ، فحكمة الوضع تقتضي وضع المشتق للأعم ، وكون استعماله في المنقضي عنه المبدأ حقيقة لا مجازاً.
(٣) المشار إليه : أكثرية الاستعمال في معنى اللفظ المجازي الواحد من الاستعمال في معناه الحقيقي كذلك.
وحاصله : أنّه كما لا ينافي كثرة المجازات بالنسبة إلى معنى واحد حكمة الوضع ولا توجب الوضع للجميع ، كذلك لا يُنافي حكمة الوضع كثرة الاستعمال