(السادس) : الظاهر أنّه لا يعتبر في صدق المشتق وجريه على الذات حقيقة التلبس بالمبدإ حقيقة بلا واسطة في العروض (١) كما في الماء الجاري ، بل يكفي التلبس به (٢) ولو مجازا ، ومع هذه الواسطة (٣) كما في الميزاب الجاري (*) ، فإسناد
______________________________________________________
(١) غرضه من عقد هذا الأمر هو : أنّ صدق المشتق على نحو الحقيقة لا يتوقف على كون إسناد المبدأ إلى الذات حقيقيا كما في ـ الماء جار ـ ، حيث إنّ إسناد الجريان إلى الماء حقيقي وإسناد إلى ما هو له كما هو واضح ، بل (لو كان) إسناد المبدأ إلى الذات مجازيا وإلى غير ما هو له كما في قولنا : «الميزاب جار» و «جالس السفينة متحرك» ، حيث إنّ إسناد الجريان إلى الميزاب والحركة إلى جالس السفينة مجازي ، لكونه إسنادا إلى غير ما هو له (لما كان) مضرّا بصدق المشتق على الذات حقيقة وإن كان إسناد المبدأ مجازا ، وإنّما المضرّ هو المجاز في الكلمة ، لكون اللفظ حينئذ مستعملا في غير الموضوع له ، بخلاف المجاز في الإسناد ، فإنّ الألفاظ مستعملة في معانيها الحقيقية ، والمجازية إنّما تكون في الإسناد ، وهي لا توجب المجاز في الكلمة ، فالمشتق مثل المتحرك والجاري في المثالين المذكورين قد استعمل في معناه الموضوع له.
(٢) أي : بالمبدإ ولو مجازا في الإسناد خلافا للفصول ، حيث اعتبر في صدق المشتق الإسناد الحقيقي.
(٣) أي : الواسطة العروضية.
__________________
(*) في كون الماء واسطة عروضية لاتصاف الميزاب بالجريان إشكال ، لأنّ ضابط ذلك كما قيل هو : أن يكون الواسطة عرضا لذيها كالحركة المعروضة للشدة والسرعة ، إذ يصح حينئذ أن يقال : «الجسم شديد أو سريع بواسطة الحركة» لأنّ عارض العارض عارض ، وهذا بخلاف العارض لشيء مباين ، كعروض الجريان