الجريان إلى الميزاب وإن كان إسنادا إلى غير ما هو له وبالمجاز إلّا أنه (١) في الإسناد لا في الكلمة ، فالمشتق في مثل المثال بما هو مشتق (٢) قد استعمل في معناه الحقيقي (٣) وإن كان مبدؤه مسندا إلى الميزاب بالإسناد المجازي ، ولا منافاة بينهما (٤) أصلا كما لا يخفى ، ولكن ظاهر الفصول بل
______________________________________________________
(١) أي : إلّا أنّ المجاز في الإسناد كما عرفت في المثالين المتقدمين.
(٢) يعني : كما هو مفروض البحث ، حيث إنّ المبحوث عنه في مبحث المشتق هو وضع هيئته لخصوص حال التلبس أو الأعم ، وأمّا كيفية ثبوت المبدأ للذات وأنّها بنحو الحقيقة في الإسناد أم المجاز فيه فهي خارجة عن حريم هذا البحث.
(٣) وهو ذات ثبت له الجري مثلا على القول بالتركيب وإن كان مبدؤه وهو الجري مسندا إلى الميزاب بالإسناد المجازي ، نظير إسناد الإنبات إلى الربيع مع استعمال الألفاظ في معانيها الحقيقية وعدم لزوم مجاز في الكلمة ، بل المجاز إنّما هو في الإسناد أي إسناد الإنبات إلى الربيع ، حيث إنّ المنبت للبقل حقيقة هو الله تعالى شأنه لا الربيع ، ففي مثال ـ الميزاب جار ـ لم يستعمل المشتق وهو ـ جار ـ إلّا في ذات ثبت له الجري وهو المعنى الحقيقي للمشتق ، إلّا أنّ ثبوت الجريان للميزاب يكون بنحو المجاز في الإسناد ، فلا يلزم المجاز في الكلمة أصلا.
(٤) أي : بين استعمال المشتق في معناه الحقيقي وبين الإسناد المجازي كما عرفت في مثال ـ أنبت الربيع البقل ـ في استعمال الألفاظ في معانيها الحقيقية مع لزوم المجاز في الإسناد.
__________________
للماء المباين للميزاب ، فلا يعد الجريان وصفا للميزاب لا بلا واسطة ولا معها ، ولكن يصح إسناد الجريان إلى الميزاب مجازا ، وبهذا الاعتبار يصير الميزاب متلبسا بالجريان بلا واسطة في العروض.