قلت : إنّما يخرج بذلك (١) عن الاختيار لو لم يكن تعلق الإرادة بها (٢) مسبوقة (٣) بمقدماتها (٤) الاختياريّة (٥) ، وإلّا (٦) فلا بد من صدورها
______________________________________________________
(١) أي : بتعلق الإرادة التكوينية الإلهية بالإيمان وغيره مما ذكر.
(٢) أي : بالإيمان وسائر العناوين المذكورة ، ومحصل هذا الجواب هو : أنّ الإرادة التكوينية تارة تتعلق بفعل العبد مطلقاً سواء أراده أم لا ، بل يوجد الفعل بلا إرادته واختياره ، لوجوب صدوره بعد صيرورته مراداً تكوينياً له تعالى شأنه ، فلا يؤثر قدرة العبد وإرادته في فعله أصلا.
(وأُخرى) تتعلق بفعل العبد بما له من المبادئ الموجبة لاختياريّته في حدّ ذاته ، بحيث لا يكون الفعل ذا صلاح إلّا مقيّداً بكونه صادراً عن العبد بقدرته وإرادته.
فان تعلقت الإرادة التكوينية بفعل العبد على النحو الأوّل لَزِم الجبر ، إذ المفروض صيرورة الفعل ضروري الوجود بحيث لا تؤثّر قدرة العبد فيه.
وإن تعلقت بفعل العبد على النحو الثاني لا يلزم منه جبر أصلا ، إذ المفروض تعلق إرادته تعالى التكوينية بالفعل ومباديه الاختيارية أيضا ، فلا مجال لنفي الاختيار ، لوجوب الصدور.
وبالجملة : فالجبر مبنيٌّ على تعلق الإرادة التكوينية على النهج الأوّل دون الثاني.
(٣) حال من ضمير ـ بها ـ الراجع إلى الإيمان وسائر العناوين المذكورة.
(٤) الضمير راجع إلى العناوين المذكورة من الإيمان وغيره.
(٥) أي : المقدمات الموجبة لكونها اختيارية.
(٦) أي : وان كان تعلق الإرادة التكوينية بالإيمان وغيره بمبادئها الاختيارية فلا بد من صدور الإيمان وغيره بالاختيار.