.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
شفاء من كل داء» وماء نيل مصر الّذي ورد فيه «أنّه يميت القلب» ، بل هذا الاختلاف موجود في النباتات أيضا ، فلا غرو في كون الجمادات التي لا تحس ولا تشعر مقتضية للسعادة والشقاوة كاقتضائها لغيرهما كدفع الأسقام ، فجعل اختلاف الطينات كاشفاً عمّا اختاروه في عالم العهد لا مؤثِّراً كما ترى. لكن من المعلوم : أنّ مجرد المقتضي لا يوجب الجبر ، وإنّما ذلك شأن العلة التامة ، وقد عرفت أنّ ما يكون من الأخبار ظاهراً في ذلك لا بدّ من صرفه عن ظاهره بحكم العقل والآيات والروايات المتجاوزة عن حد التواتر ـ كما قيل ـ الظاهرة أو الصريحة في نفي الإلجاء وأمّا الآيات التي توهم دلالتها على الاضطرار فكثيرة ، ولا نتعرض لها تفصيلا ، خوفاً من الإطالة في البحث الاستطرادي ، إلّا أنّه لا بأس بالإشارة إليها ، فنقول :إنّها على طوائف :
الأُولى : ما ظاهره الاضطرار مع الاقتران بالقرائن السابقة واللاحقة على خلافه ، كقوله تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ».
والجواب عنها هو : أنّها مختصة بالكفار المتعصبين في الكفر والجحود وعداوتهم للإسلام والمسلمين بمثابة لا ينفعهم الإنذار ، دون سائر الكفار المنتفعين بالإنذار وهداية سيد الأنبياء وأوصيائه الأُمناء صلوات الله عليهم من الآن إلى يوم اللقاء ، بل والعلماء الأتقياء ، فإنّ كثيراً من الكفار اهتدوا إلى الإسلام ، والطائفة المتعصبة منهم لم تنتفع بهداية وإرشاد وتخويف وإنذار ، لعنادهم للحق