.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
الله كقوله تعالى : «وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ» ، فيدل على عدم فاعلية العبد لفعله وإناطتها بمشيته تعالى ، وليس هذا إلّا الإلجاء.
والجواب عنه هو : أنّ هذه الآية في مقام الرد على المفوضة القائلين بأنّ العبد هو الفاعل ، وأنّه المحصِّل لجميع شرائط الفاعلية ومقتضياتها ، إلّا أن يمنع الله عزوجل عن تأثير فاعليته بمشيته ، ومحصل ما يستفاد من هذه الآية الشريفة هو النهي عن القول بكون العبد فاعلا تاما إلّا أن يشاء الله تعالى ـ أي يمنعه عن الفعل ـ كما زعمه المفوضة ، إذ من المعلوم : أنّ العبد ليس فاعلا تاما أي محصلا لشرائط فاعليته ، لكنه ليس مستلزما للجبر ، لما مرّ من أنّ العبد يعمل مختارا بما أفاضه الله تعالى عليه من القدرة.
ثانيهما : ما ظاهره استناد الضلالة والهداية إلى مشيته تعالى ، كقوله عزوجل : «يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ» وغيره مما هو بمضمونه.
والجواب عن ذلك : أنّ الهداية تطلق على معان :
الأوّل : الهداية التكوينية ، وهي إفاضة الوجود على الكائنات ، وجعلها منظمة لتترتب عليها الغايات والأغراض.
الثاني : الهداية التشريعية ، وهي إنزال الكتب ، وإرسال الرسل ، ونصب الأوصياء ، وإيجاد سائر وسائل التبليغ والإرشاد ، وهي المرادة بقوله تعالى : «إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً» فمعنى الهداية حينئذ إراءة طريق الحق ، فان شاء العبد سلكه وإن شاء تركه.
الثالث : الهداية الموصلة إلى المطلوب بحيث لا يبقى للعبد اختيار في عدم