تكون (١) عين الطلب كون المنشأ بالصيغة في الخطابات الإلهية هو العلم ، وهو بمكان من البطلان (٢). لكنك غفلت (٣) عن أنّ اتحاد الإرادة مع العلم بالصلاح إنما
______________________________________________________
(١) أي : الإرادة.
(٢) لما عرفت في تقريب الوهم من عدم تعلق الإنشاء إلّا بالموجودات الاعتبارية.
(٣) هذا دفع للتوهم المذكور ، وحاصله : أنّ المنشأ بالصيغة هو مفهوم الطلب ، لا الطلب الخارجي الّذي هو عين الإرادة التشريعية التي هي العلم بالصلاح ، فلا يلزم إنشاء العلم بالمصلحة الّذي هو من الموجودات الحقيقية ، إذ موطن اتحاد الإرادة التشريعية مع العلم بالصلاح هو الوجود الخارجي لا المفهوم ، لأنّ صفاته جلّ وعلا عين ذاته ، فالوحدة وجودية لا مفهومية (*) ، والإنشاء متعلق بالمفهوم ، لا الوجود حتى يلزم إنشاء الوجود الخارجي ، فلا تنافي بين صحة إنشاء الطلب بالصيغة ، وبين اتحاد الطلب والإرادة.
__________________
(*) لكن عن جماعة من المعتزلة اتحاد الإرادة والعلم مفهوما ، بل استظهر ذلك أيضا من عبارة المحقق الطوسي (قده) في التجريد ، حيث قال في مبحث الكيفيات النفسانيّة : «ومنها الإرادة والكراهة ، وهما نوعان من العلم» انتهى ، قال العلامة (قده) في شرحه : «وهما نوعان من العلم بالمعنى الأعم ، وذلك لأنّ الإرادة عبارة عن علم الحي أو اعتقاده أو ظنه بما في الفعل من المصلحة ، والكراهة علمه أو ظنه أو اعتقاده بما فيه من المفسدة ، هذا مذهب جماعة ، وقال آخرون : إنّ الإرادة والكراهة زائدتان على هذا مترتبتان عليه ، لأنّا نجد من أنفسنا ميلا إلى الشيء أو عنه مترتبا على هذا العلم ، وهو يفارق الشهوة ، فإنّ المريض يريد شرب الدواء ولا يشتهيه» انتهى.