في معناها (١) لحاظه في غيرها (٢) آلة ، وكما لا يكون لحاظه فيه (٣) موجباً لجزئيّته (٤) فليكن كذلك فيها (٥).
إن قلت : على هذا (٦) لم يبق فرق بين الاسم والحرف في المعنى ، ولزم كون مثل كلمة ـ من ـ ولفظ الابتداء مترادفين صح استعمال كل منهما في موضع الآخر ، وهكذا سائر الحروف مع الأسماء الموضوعة لمعانيها ، وهو باطل بالضرورة كما هو واضح. قلت : الفرق بينهما (٧) إنّما هو في اختصاص كل منهما بوضع
______________________________________________________
(١) أي : معنى كلمة ـ من ـ.
(٢) الضمير الأول راجع إلى المعنى والثاني إلى كلمة ـ من ـ.
(٣) أي : لحاظ الاستقلال في معنى لفظ الابتداء.
(٤) أي : جزئيّة معنى لفظ الابتداء.
(٥) أي : فليكن لحاظ الآلية في معنى كلمة ـ من ـ غير موجب لجزئيّته.
(٦) أي : بناءً على هذا التحقيق الّذي ذكره بقوله : «والتحقيق حسبما يؤدي إليه النّظر الدّقيق ... إلخ» ومحصل التحقيق هو : دعوى اتحاد المعنى الموضوع له في الاسم والحرف. وملخص الإشكال على هذا التحقيق هو : لزوم ترادف مثل كلمة ـ من ـ ولفظة ـ الابتداء ـ المستلزم لصحة استعمال أحدهما مكان الآخر كغيرهما من الألفاظ المترادفة مع وضوح بطلانه ، لعدم صحة استعمال «سرت ابتداء البصرة» بدل «سرت من البصرة».
(٧) حاصل ما أفاده جواباً عن الإشكال بعد الاعتراف بالترادف ووحدة المعنى الموضوع له في الاسم والحرف هو : أنّ اختلاف كيفية الوضع فيهما أوجب عدم صحة استعمال أحدهما مكان الآخر ، بيانه : أنّ الاسم وُضع ليراد به المعنى في نفسه ، والحرف وضع آلة لملاحظة حال مدخوله ، فالاستقلالية في الأسماء.