وفي نفسه كذلك (١) فتأمل في المقام ، فإنّه دقيق وقد زلّ فيه أقدام غير واحد من أهل التحقيق والتدقيق.
(الثالث) صحة استعمال اللفظ فيما يناسب ما وضع له ، هل هو بالوضع أو الطبع؟ وجهان بل قولان ، أظهرهما أنّها بالطبع ، بشهادة الوجدان بحسن الاستعمال فيه (٢) ولو مع منع الواضع عنه (٣) ، وباستهجان الاستعمال فيما لا يناسبه ولو مع ترخيصه (٤) ، ولا معنى لصحته إلا
______________________________________________________
خصوصيته ، سواء كان المعنى اسمياً أم حرفياً ، فكل من الموضوع له والمستعمل فيه فيهما عام.
(١) أي : دخيلاً في المعنى وموجباً لتشخصه وجزئيته. فتحصل من جميع ما أفاده المصنف (قده) : أنّ كلًّا من الوضع والموضوع له والمستعمل فيه في الحروف وأسماء الإشارة والضمائر كأسماء الأجناس عام ، لكون التشخص فيها ناشئاً من قبل الاستعمالات ، ويستحيل تشخص المعنى بالخصوصيات الناشئة من قبلها ، لما مر آنفاً من استلزامه الدور (*).
(٢) أي : فيما يناسب ما وضع له.
(٣) أي : عن الاستعمال ، فحسنه مع المنع دليل على عدم توقف صحة الاستعمال المجازي على وضع الواضع.
(٤) فلو كان صحة الاستعمال المجازي منوطة بالوضع لم يكن وجه لاستهجان
__________________
(*) لا يخفى أنّه بناءً على خروج الإشارة والتخاطب وغيرهما عن حيز الموضوع له والمستعمل فيه ـ ينهدم أساس الشبه المعنوي الّذي جعله النحويون موجباً لبناء جملة من الأسماء وان كان لا يلزم منه إعراب تلك الأسماء ، لوجود ما عدا الشبه المعنوي فيها مما يوجب بناءها كما لا يخفى.