الفورية ، وفيه منع ، ضرورة أنّ سياق آية (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) وكذا آية (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) إنّما هو البعث نحو المسارعة إلى المغفرة ، والاستباق إلى الخير من دون استتباع تركهما (١) للغضب والشر ، ضرورة أنّ تركهما (٢) لو كان مستتبعا للغضب والشر كان البعث بالتحذير
______________________________________________________
انّهما تدلّان على وجوب المسارعة والاستباق إلى سبب المغفرة ، إذ لا معنى للاستباق والمسارعة إلى نفس المغفرة والخير بعد كونهما من أفعاله تعالى شأنه ، ولا سبب لهما أعظم من الواجبات ، فيجب إتيانها فورا. وقد ناقش المصنف (قده) في دلالتهما على وجوب الفور بوجوه ثلاثة :
أحدها : ما أشار إليه بقوله : «وفيه منع ضرورة ... إلخ» ، وحاصله : منع دلالتهما على الوجوب ، إذ لو كان كذلك لكان ترك المسارعة والاستباق موجبا للغضب والشر ، والأنسب حينئذٍ البعث إليهما بذكر العقاب المترتب على تركهما ، لكونه أشد تأثيرا في تحرّك العبد ، وانبعاثه على المسارعة والاستباق من ذكر الثواب على فعلهما ، وهذا يوجب وهن الاستدلال على الوجوب. وبتقريب آخر : انّ تعلق فعل بمفعول يدل على وجود المفعول به في كلتا صورتي الفعل وعدمه ، مثلا إذا قال : «أكرم زيدا» ، فإنّ تعلُّق الأمر بإكرامه يدل على وجود زيد مطلقا سواء أكرمه المأمور بالإكرام أم لا ، فانتفاء الإكرام لا يوجب انتفاء زيد ، كما هو واضح جدا. وفي المقام إذا قلنا بدلالة الآيتين على وجوب المسارعة والاستباق لَزِم انتفاء المغفرة والخير اللذين تعلّق بهما المسارعة والاستباق وتبدُّلهما بالمؤاخذة والشر ، وهذا خلاف مقتضى تعلق الفعل بالمفعول به ، فعليه لا تدل الآيتان على وجوب المسارعة والاستباق.
(١) أي : المسارعة إلى المغفرة ، والاستباق إلى الخير.
(٢) أي : المسارعة والاستباق.