وبعد فقد رتبته على مقدمة ومقاصد وخاتمة :
أما المقدمة ففي بيان أمور (١): الأول (٢) أن موضوع كل علم وهو الّذي يبحث فيه عن عوارضه الذاتيّة أي بلا واسطة في العروض (٣)
______________________________________________________
(١) الأمور المذكورة في المقدمة كلها خارجة عن مسائل علم الأصول ، لعدم انطباق ضابط المسألة الأصولية عليها كما سيظهر إن شاء الله تعالى.
(٢) ذكر في الأمر الأول جزءان من أجزاء العلوم التي هي الموضوعات والمسائل والمبادئ وهما الموضوع والمسائل. وقبل التعرض لموضوع العلم أشار إلى موضوع كل علم بنحو الضابط الكلي ، وهو أن موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتيّة ، فيعرف الموضوع بذلك ، مثلا البحث عن رفع الفاعل والمبتدأ والخبر ، ونصب المفعول وخبر كان الناقصة وأخواتها ، واسم الحروف المشبهة بالفعل وجر المضاف إليه والمجرور بالحروف الجارة بحث عن عوارض الكلمة التي هي موضوع علم النحو.
وكذا البحث عن وجوب الصلاة والحج وغيرهما وحرمة شرب الخمر بحث عن عوارض فعل المكلف الّذي هو موضوع علم الفقه وكذا سائر العلوم كما لا يخفى.
(٣) أشار بهذا التفسير للعرض الذاتي إلى الخطأ الواقع في تحديده بما في كتب القوم ، توضيحه أن العوارض جمع العارض وهو كما عن بعض المحققين : مطلق الخارج عن الشيء المحمول عليه ، فيشمل العرض المعبر عنه في لسان أهل المعقول بالعرضي كالأبيض والأسود المنقسم إلى الخاصة والعرض العام ، ويشمل غيره كالجنس المحمول على النوع والفصل ، فانّ المحمول من ذاتيات الموضوع ، والعرض المبحوث عنه في الفنون هو القسم الأول الّذي ينقسم عندهم على قسمين ذاتي وغريب ، لأن العرض إما يعرض الشيء بلا واسطة أصلا لا ثبوتاً ولا عروضاً