(الخامس) (١) لا ريب في كون الألفاظ موضوعة بإزاء معانيها من حيث هي ، لا من حيث هي مرادة للافظها ، لما (٢) عرفت بما لا مزيد عليه من أنّ قصد المعنى على أنحائه من مقوّمات الاستعمال ، فلا يكاد يكون من قيود المستعمل فيه ، هذا. مضافاً (٣) إلى ضرورة صحة الحمل والإسناد في الجمل بلا تصرف في
______________________________________________________
(١) الغرض من عقد هذا الأمر دفع ما توهم من كون الألفاظ موضوعة للمعاني بوصف كونها مرادة للافظيها ، بحيث يكون هذا الوصف دخيلا جزءاً أو قيداً في المعنى الموضوع له.
(٢) هذا برهان لكون الموضوع له والمستعمل فيه ذات المعنى ، وحاصله ما تقدم في المعنى الحرفي من المحذورين :
أحدهما : كون قصد المعنى من مقوِّمات الاستعمال ، فلو كان ذلك دخيلا في نفس المعنى لزم تعدد اللحاظ ، وهو خلاف الوجدان كما تقدم تفصيله هناك.
لكن قوله : «فلا يكاد ... إلخ» قرينة على إرادة استحالة ذلك ، حيث إنّ دخل القصد في المعنى مستحيل ، إذ هو ناشٍ عن الاستعمال المتأخر عن المعنى ، كاستحالة دخل قصد الأمر في متعلقه المتقدم عليه رتبة ، فإنّ الأمر متأخر عن متعلقه ، فإذا توقف شيء من المتعلق على الأمر لزم الدور.
(٣) هذا هو المحذور الثاني ، ومحصله : أنّه على تقدير دخل الإرادة جزءاً أو شرطاً في المعاني لا يصح الحمل والإسناد في مثل قولنا : «نصر زيد» و «زيد قائم» بدون التصرف في ألفاظ الأطراف ، ضرورة أنّه مع دخل الإرادة في المعاني لا بد من تجريد ألفاظ الأطراف عن الإرادة ، لوضوح أنّ المسند في المثالين نفس النصر والقيام لا بما هما مرادان ، وهذا التجريد خلاف الوجدان.