عامة الألفاظ عاماً والموضوع له خاصاً ، لمكان اعتبار خصوص إرادة اللافظين فيما وضع له اللفظ ، فإنّه لا مجال لتوهم أخذ مفهوم الإرادة فيه (١) كما لا يخفى (٢) ، وهكذا الحال في طرف الموضوع (٣). وأمّا ما حُكي عن العلمين الشيخ الرئيس (٤)
______________________________________________________
تسالمهم على ثبوت الوضع العام والموضوع له العام كأسماء الأجناس ، فإنّ دخل الإرادات الشخصية الحاصلة للمتكلمين في المعاني ينافي ذلك التسالم (*).
(١) أي : فيما وضع له ، فإذا كان مفهوم الإرادة دخيلا في المعنى لا يلزم إنكار عمومية الموضوع له ، لكون مفهوم الإرادة كلياً (٢) إمّا لكون المتبادر هي الإرادات الحقيقية القائمة بالمتكلمين ، وإما لاستلزامه كون الموضوع له عاماً في جميع موارد عمومية الوضع ، وهو كما ترى.
(٣) أي : موضوع القضية وهو ـ زيد ـ في المثال المذكور ، هذا تتمة المحذور الثاني الّذي تعرض له بقوله : «مضافاً إلى ضرورة صحة الحمل والإسناد ... إلخ» فكان المناسب تقديمه على المحذور الثالث وذكره في ذيل المحذور الثاني ، فلاحظ.
(٤) وهو أبو على سينا الملقب برئيس العقلاء.
__________________
(*) ويدل أيضا على عدم دخل الإرادة في الموضوع له تبادر ذات المعنى من اللفظ من دون اتصافه بالمرادية ، بل هذا الوصف مغفول عنه رأساً ، واستلزامه لتركّب جميع المعاني الموضوع لها من المعنى والإرادة ، فلا يبقى معنى بسيط ، وهو معلوم البطلان. وعدم صدق المعاني على الخارجيات ، لتقيّدها بقيد ذهني لا بد من تجريدها عنه ، لاستحالة تحققه في الخارج ، فيلزم كون الاستعمالات طرّاً من المجاز ، لاستعمال الألفاظ حينئذٍ في غير ما وضعت له ، فيلغو حكمة الوضع. وتسالمهم على توقف إحراز كون المعنى مراداً للمتكلم على الأصول المرادية ، فلو كان الموضوع له المعنى بوصف كونه مراداً لم يكن وجه للتوقف المزبور كما لا يخفى.