لا محيص عنه ، ولا يكاد ينقضي تعجبي كيف رضي المتوهم أن يجعل كلامهما ناظراً إلى ما لا ينبغي صدوره عن فاضل فضلاً عمن هو علم في التحقيق والتدقيق؟.
(السادس) لا وجه لتوهم (١) وضع للمركبات غير وضع
______________________________________________________
عن الالتزام بتبعية الدلالة التصديقية للإرادة كما عرفت آنفاً ، لكنه خلاف ظاهر كلام العلمين ، فإنّ ظاهره تبعية الدلالة التصورية للإرادة ، فلاحظ عبارتي الشفاء وجوهر النضيد.
(١) غرضه من عقد هذا الأمر : دفع ما يتوهم من وضع ثالث للمركبات مضافاً إلى وضع شخصي ونوعي لمفرداتها ، توضيحه : أنّه لا إشكال في أنّ للمركّب أجزاء يعبر عنها بالمفردات ، وهي مادية وصورية ، ولكل منهما وضع يخصه ، غاية الأمر أنّ وضع المواد شخصي ، ووضع الصور المعبر عنها بالهيئات نوعي. فقولنا مثلا : «زيد قائم» يشتمل على جزءين :
(أحدهما) مادي وهو «زيد» و «قائم» ولكل منهما وضع شخصي ونوعي ، أمّا الشخصي فهو : وضع كل منهما لمعنى ، فزيد وضع لحصة من الإنسان متشخصة بمشخصات خاصة ، وقائم وضع لذات متصفة بالقيام. وأمّا النوعيّ فهو : وضع هيئة ـ زيد ـ الناشئة من إعرابه رفعاً بالابتداء ، ووضع هيئة ـ قائم ـ الحاصلة من رفعه بالخبريّة.
و (ثانيهما) صوري ، وهو الهيئة الحاصلة من ضم أحدهما بالآخر. فإنّه بعد ضم ـ قائم ـ ب ـ زيد ـ يتحقق هيئة الجملة الاسمية ، وهي الجزء الصوري للمركّب ، وبها يحصل الارتباط بينهما ، ولولاها لكان كل منهما أجنبياً عن الآخر. فقد ظهر : أنّ لكلّ من المواد وضعاً شخصياً ونوعياً ، ولمجموع المواد وضعاً ، نوعياً ، وبعد هذين الوضعين لا حاجة إلى وضع ثالث لمجموع المركب ، لوفائهما بتفهيم غرض المتكلم.