حينئذٍ (١) لا يكون علامة لها (٢) إلا على وجه دائر (٣) ، ولا يتأتى التفصي عن الدور بما ذكر في التبادر هنا (٤) ، ضرورة أنّه مع العلم بكون الاستعمال على نحو
______________________________________________________
(١) يعني : إلّا أنّ الاطراد حين كونه على وجه الحقيقة لا يكون علامة لها.
(٢) أي : للحقيقة.
(٣) بالتقريب الّذي عرفته آنفاً.
(٤) يعني : في الاطراد ، والظرف متعلق ب ـ لا يتأتى ـ يعني : ولا يتأتى هنا التفصي عن الدور بما ذكر في التبادر من الإجمال والتفصيل ، ومن كون التبادر علامة عند العالمين بالأوضاع علامة للوضع عند الجاهلين بها. وجه عدم إمكان التفصي بالإجمال والتفصيل هو : عدم كفاية العلم الإجمالي بكون معنى اللفظ أحد المعاني المحصورة المرتكزة في النّفس في كون الاستعمال على نحو الحقيقة ، بداهة توقفه على العلم التفصيليّ بكون المستعمل فيه موضوعاً له. ووجه عدم إمكان التفصي عن الدور بجعل الاطراد عند العالم بالوضع علامة للوضع عند الجاهل به هو : أنّه لا سبيل للجاهل إلى إحراز كون الاطراد عند العالم لأجل الوضع وعلى وجه الحقيقة ، ولا يمكن إحرازه بأصالة عدم القرينة ، لما مر في التبادر ، والمفروض أنّ علاميته للحقيقة منوطة بكون الاستعمال على سبيل الحقيقة ، ومع العلم بكونه على هذا الوجه لا يكون الاطراد علامة ، لأنّه من تحصيل الحاصل المحال ، بل من أردإ وجوهه ، لكونه من إحراز ما هو محرز وجداناً بالتعبد. والحاصل : أنّ الاطراد كالتبادر وعدم صحة السلب لا يصلح علامة للحقيقة (*)
__________________
(*) لا يخفى أنّه على هذا ينحصر طريق معرفة الأوضاع بتنصيص الواضع وهو أيضا مفقود ، لأنّ اللغويين لا يتعرّضون إلّا لموارد الاستعمالات ، وليس شأنهم إلّا ذلك ، إذ لا طريق لهم إلى العلم بالأوضاع كما لا يخفى. ثم إنّ الظاهر