التّفسير
قال الله تعالى في الآية الأولى من هذه الآيات (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) وهو بذلك يشير إلى حكم الطبقة الأولى من الورثة (وهم الأولاد والآباء والأمهات) ، ومن البديهي أنّه لا رابطة أقوى وأقرب من رابطة الأبوة والبنوة ولهذا قدموا على بقية الورثة من الطبقات الاخرى.
ثمّ إنّ من الجدير بالاهتمام من ناحية التركيب اللفظي جعل الأنثى هي الملاك والأصل في تعيين سهم الرجل ، أي أن سهمها من الإرث هو الأصل ، وإرث الذكر هو الفرع الذي يعرف بالقياس على نصيب الأنثى من الإرث إذ يقول سبحانه : (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) ، وهذا نوع التأكيد على توريث النساء ومكافحة للعادة الجاهلية المعتدية القاضية بحرمانهن من الإرث والميراث ، حرمانا كاملا.
وأمّا فلسفة هذا التفاوت بين سهم الأنثى والذكر فذلك ما سنتعرض له عمّا قريب إن شاء الله.
ثمّ يقول سبحانه وتعالى : (فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ) أي لو زادت بنات الميت على اثنتين فلهن الثلثان أي قسم الثلثان بينهن.
ثمّ قال (وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) أي لو كانت البنت واحدة ورثت النصف من التركة.
وهاهنا سؤال :
القرآن يقول في هذا المجال «فوق اثنتين» أي لو كانت بنات الميت أكثر من بنتين استحققن ثلثي التركة يقسّم بينهن ، وهذا يعني أن القرآن ذكر حكم البنت الواحدة ، وحكم البنات فوق اثنتين ، وسكت عن حكم «البنتين» ، فلما ذا؟