ومثل هؤلاء ـ في الحقيقة ـ مثل الذي يتسلق شجرة ، فإنّه كلّما إزداد رقيا ازداد فرحا في نفسه ، حتى إذا بلغ قمتها فاجأته عاصفة شديدة ، فهوى على أثرها من ذلك المترفع الشاهق إلى الأرض فتحطمت عظامه ، فتبدل فرحه البالغ إلى حزن شديد.
لفتة أدبية :
يتبيّن ممّا قلناه في تفسير هذه الآية أن «اللام» في قوله سبحانه : (لِيَزْدادُوا إِثْماً) «لام العاقبة» وليست «لام الغاية».
وتوضيح ذلك : إنّ العرب قد تستعمل اللام لبيان أن ما بعد اللام مراد للإنسان ومطلوب له كقوله : (لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) (١).
ومن البديهي أن هداية الناس وخروجهم من الظّلمات إلى النّور مراد له سبحانه.
وقد تستعمل العرب «اللام» لا لبيان أن هذا هو مراد ومطلوب للشخص ، بل لبيان أن هذا نتيجة عمل المرء ومآل موقفه كقوله تعالى : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) (٢) ولا شك أنّهم إنما أخذوه ليكون لهم سرورا وقرّة عين. ولا يختص هذا الأمر باللغة العربية وآدابها ، بل هو مشهور في غيره من اللغات والآداب.
ومن هنا يتضح الجواب على تساؤل آخر يطرح نفسه هنا وهو : لما ذا قال سبحانه : (لِيَزْدادُوا إِثْماً) الذي معناه ـ بحسب الظاهر ـ أي نريد أن يزدادوا إثما.
لأن هذا الإشكال والتساؤل إنّما يكون واردا إذا كانت اللام هنا لام الإرادة والغاية المبينة للعلّة والهدف ، لا «لام العاقبة» ليكون معنى قوله (لِيَزْدادُوا إِثْماً)
__________________
(١) إبراهيم ، ١.
(٢) القصص ، ٨.