جوازه في سائر الحالات؟
والإجابة على هذا السؤال تأتي ـ بإذن الله ـ مفصّلة عند تفسير الآية (٩٠) من سورة المائدة ، إلّا أن الجواب الإجمالي هو : إنّ الإسلام استخدم لتطبيق الكثير من أحكامه أسلوب «التغيير التدريجي» فمثلا مسألة تحريم تعاطي الخمور هذه طبقها الإسلام في مراحل ، فهو أوّلا أعطاه صفة المشروب الغير المحبّذ في قبال «الرزق الحسن» (كما في الآية (٦٧) من سورة النحل «ورزقا حسنا») ثمّ منع من الاقتراب إلى الصلاة إذا كان السكر الناشئ منها لا يزال باقيا (كما في الآية الحاضرة) ثمّ قارن بين منافعه ومضاره ورجحان مضاره ومساوئه ، كما في سورة البقرة الآية (٢١٩) ، وفي المرحلة الأخيرة نهى عن الخمر بصورة قاطعة وصريحة ، كما في سورة المائدة الآية (٩٠).
وأساسا ليس هناك من سبيل لتطهير المجتمع من جذور مفسدة اجتماعية أو خلقية متجذرة في أعماق المجتمع واقتلاعها من الجذور أفضل من هذا الأسلوب ، وأجدى من هذا الطريق ، وهو أن يهيأ الأفراد تدريجا ، ثمّ يتمّ الإعلان عن الحكم النهائي.
كما أنّه لا بدّ من الالتفات إلى نقطة مهمّة ، هي أنّ الآية الحاضرة لا تجيز بأي وجه من الوجوه شرب الخمر ، بل هي تتحدث فقط عن مسألة الاقتراب إلى الصلاة في حال السكر ، بينما التزمت الصمت بالنسبة إلى حكم شرب الخمر في غير هذا المورد حتى يحين موعد المرحلة النهائية للحكم.
هذا مع الالتفات إلى أنّ أوقات الصلوات الخمس خاصّة في ذلك الزمان الذي كانت العادة فيه إقامة الصلوات الخمس في أوقاتها ، بحكم أنّها كانت متقاربة كان الإتيان بالصلاة في حال الوعي يقتضي أن ينصرف الأشخاص عن تناول المسكرات في الفترات الواقعة بين أوقات الفرائض انصرافا كليا ، لأنّ السكر كان يستمر غالبا إلى حين حلول وقت الفريضة وعلى هذا كان الحكم