ثمّ أنّه في ختام الآية يشير إلى حقيقة أنّ الحكم المذكور ضرب من التخفيف عنكم،لأنّ الله كثير الصفح كثير الستر لذنوب عبادة (إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً).
* * *
بحوث عند الآية :
هنا لا بدّ من التنبيه إلى نقاط عديدة :
١ ـ إنّ عبارة (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) المبدوة بفاء التفريع ترتبط بعبارة (أَوْ عَلى سَفَرٍ)يعني أنّكم إذا كنتم في سفر ولم تجدوا ماء للوضوء أو الغسل ، فتحتاجون إلى التيمم،لأنّ الإنسان قلما تتفق له هذه الحالة وهو في البلد ، ومن هنا يتبيّن بطلان ما قاله بعض المفسّرين ـ مثل صاحب المنار ـ من أن مجرّد السفر وحده كاف للتكليف بالتيمم بدل الوضوء حتى لو كان الشخص المسافر واجدا للماء ، فإنّ فاء التفريع في قوله (فَلَمْ تَجِدُوا) يبطل هذا الكلام ، لأنّ المفهوم منه هو أنّ السفر قد يوجب أحيانا عدم التمكن من الماء ، وهنا لا مناص من التيمم ، لا أنّ السفر بوحده يسوغ التيمم ، والعجب أنّ الكاتب المذكور تحامل على فقهاء الإسلام في هذا المجال من دون مبرر لهذا التحامل.
٢ ـ إنّ كلمة (أو) في قوله تعالى : (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) هي بمعنى (الواو) لأن مجرّد المرض أو السفر لا يوجب التيمم ، بل يجب التيمم إذا تحققت موجبات التيمم أو الغسل في هذا الحال.
٣ ـ إنّ «العفة في البيان» المعهودة من القرآن دفعت بالقرآن في هذه الآية ـ كما في الآيات الكثيرة الاخرى ـ إلى أن يعبّر عن قضاء الحاجة بعبارة تفهم المراد من جانب، ولا تكون غريبة وغير مناسبة من جانب آخر إذ يقول : (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ).