قتال محمّد ، ففعلوا ذلك.
فلمّا فرغوا قال أبو سفيان لكعب : إنّك امرؤ تقرأ الكتاب وتعلم ، ونحن أميون لا نعلم ، فأينا أهدى طريقا وأقرب إلى الحقّ ، نحن أم محمّد؟
قال كعب : اعرضوا عليّ دينكم ، فقال أبو سفيان : نحن ننحر للحجيج الكوماء (وهي الناقة العظيمة السنام) ونسقيهم الماء ، ونقرى الضيف ، ونفك العاني ، ونصل الرحم، ونعمّر بيت ربّنا ، ونطوف به ، ونحن أهل الحرم ، ومحمّد فارق دين آبائه ، وقاطع الرحم ، وفارق الحرم ، وديننا القديم ، ودين محمّد الحديث.
فقال كعب : أنتم والله أهدى سبيلا ممّا عليه محمّد.
فأنزل الله تعالى الآيات الحاضرة إجابة لهم وردا عليهم :
التّفسير
المداهنون :
إن الآية الأولى من الآيتين الحاضرتين تعكس ـ بملاحظة ـ ما ذكر في سبب النزول قريبا ـ صفة أخرى من صفات اليهود الذميمة ، وهي أنّهم لأجل الوصول إلى أهدافهم كانوا يداهنون كل جماعة من الجماعات ، حتى أنّهم لكي يستقطبوا المشركين سجدوا لأصنامهم،وتجاهلوا كل ما قرءوه في كتبهم ، أو عملوا به حول صفات رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم وعظمة الإسلام ، بل وذهبوا ـ بغية إرضاء المشركين ـ إلى ترجيح عقيدة الوثنيين بما فيها من خرافات وتفاهات وفضائح على الإسلام الحنيف ، مع أنّ اليهود كانوا من أهل الكتاب،وكانت المشتركات بينهم وبين الإسلام تفوق بدرجات كبيرة ما يجمعهم مع الوثنيين،ولهذا يقول سبحانه في هذه الآية مستغربا : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ) وهي الأصنام؟
ولكنّهم لا يقتنعون بهذا ، ولا يقفون عند هذا الحدّ ، بل : (وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً).