التّفسير
قانونان إسلاميان مهمان :
الآية الحاضرة وإنّ نزلت ـ كالكثير من الآيات ـ في مورد خاص ، إلّا أن من البديهي أنّها تتضمّن حكما عامّا وشاملا للجميع ، فهي تقول بصراحة : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها).
ومن الواضح أنّ للأمانة معنى وسيعا يشمل كلّ شيء مادي ومعنوي ، ويجب على كل مسلم ـ بصريح هذه الآية ـ أن لا يخون أحدا في أية أمانة دون استثناء ، سواء كان صاحب الأمانة مسلما أو غير مسلم ، وهذا هو في الواقع إحدى المواد في «الميثاق الاسلامي لحقوق الإنسان» التي يتساوى تجاهها كل أفراد البشر.
والجدير بالذكر أنّ الأمانة المذكورة في سبب النزول لم تكن مجرد أمانة مادية ، ومن جانب آخر كان صاحبها المؤدى إليه تلك الأمانة مشركا.
ثمّ إنّه سبحانه يشير ـ في القسم الثّاني من الآية ـ إلى قانون مهم آخر ، وهو مسألة «العدالة في الحكومة» فيقول : (وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) أي إنّ الله يوصيكم أيضا أن تلتزموا جانب العدالة في القضاء والحكم بين الناس ، فتحكموا بعدل.
ثمّ قال سبحانه تأكيدا لهذين التعليمين : (إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ).
ثمّ يقول مؤكدا ذلك أيضا : (إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً) فهو يراقب أعمالكم وهو يسمع أحاديثكم ويرى أفعالكم.
إنّ هذا القانون هو الآخر قانون كلّي وعام ، ويشمل كل نوع من القضاء والحكومة،سواء في الأمور الكبيرة والأمور الصغيرة ، إلى درجة أنّنا نقرأ في الأحاديث الإسلامية أنّ صبين ترافعا إلى الإمام الحسن بن علي في خط كتباه وحكماه في ذلك ليحكم أيّ الخطين أجود ، فبصر به عليّ عليهالسلام فقال : «يا بني انظر
__________________
ذكر في سبب النزول صح أم لا ، فإنّه لا يؤثر في القانون المهم المستفاد من الآية.