إطاعة الله ممّا تقتضيه خالقيته وحاكمية ذاته المقدسة ، ولكن إطاعة النّبي واتّباع أمره ناشئ من أمر الله. وبعبارة أخرى فإنّ الله واجب الإطاعة بالذات والنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم واجب الإطاعة بالعرض ، ولعل تكرار «أطيعوا» في هذه الآية للإشارة إلى مثل هذا الفرق بين الطاعتين (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ).
وفي المرحلة الثانية يأمر سبحانه بإطاعة أولي الأمر القائمين من صلب المجتمع الإسلامي ، والذين يحفظون للناس أمر دينهم ودنياهم.
من هم أولوا الأمر؟
ثمّة كلام كثير بين المفسّرين في المقصود من أولي الأمر في هذه الآية ، ويمكن تلخيص أوجه النظر في هذا المجال في ما يلي :
١ ـ ذهب جماعة من مفسّري أهل السنّة إلى أنّ المراد من «أولى الأمر» هم الأمراء والحكام في كل زمان ومكان ، ولم يستثن من هؤلاء أحدا ، فتكون نتيجة هذا الرأي هي: إنّ على المسلمين أن يطيعوا كل حكومة وسلطة مهما كان شكلها حتى إذا كانت حكومة المغول ، ودولتهم الجائرة.
٢ ـ ذهب البعض من المفسّرين ـ مثل صاحب تفسير المنار وصاحب تفسير في ظلال القرآن وآخرون ـ إلى أنّ المراد من «أولي الأمر» ممثلو كافة طبقات الأمة ، من الحكام والقادة والعلماء وأصحاب المناصب في شتى مجالات حياة الناس ، ولكن لا تجب طاعة هؤلاء بشكل مطلق وبدون قيد أو شرط ، بل هي مشروطة بأن لا تكون على خلاف الأحكام والمقررات الإسلامية.
٣ ـ ذهبت جماعة أخرى إلى أنّ المراد من «أولي الأمر» هم القادة المعنويون والفكريون ، أي العلماء والمفكرون العدول العارفون بمحتويات الكتاب والسنة معرفة كاملة.
٤ ـ وذهب بعض مفسّري أهل السنة إلى أنّ المراد من هذه الكلمة هم