المسلمين على الجهاد وتؤنب المتهاونين والمتقاعسين عن هذا الواجب الحسّاس.
وقد تطرقت الآية الكريمة إلى عدد من الحقائق في هذا الصدد.
التّفسير
قوم بضاعتهم الكلام دون العمل :
تتحدث الآية بلغة التعجب من أمر نفر أظهروا رغبة شديدة في الجهاد خلال ظرف غير مناسب ، وأصرّوا على السماح لهم بذلك ، وقد صدرت الأوامر لهم ـ حينئذ ـ بالصبر والاحتمال ، ودعوا إلى إقامة الصلاة ، وأداء الزكاة ، وبعد أن سنحت الفرصة وآتت الظروف للجهاد بصورة كاملة وأمروا به ، استولى على هؤلاء النفر الخوف والرعب ، وانبروا يعترضون على الأمر الإلهي ويتهاونون في أدائه.
تقول الآية : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ...) فكان هؤلاء في اعتراضهم على أمر الجهاد يقولون صراحة : لما ذا أسرع الله في إنزال أمر الجهاد؟ ويتمنون لو أخر الله هذا الأمر ولو قليلا! أو يطلبون أن يناط أمر الجهاد للأجيال القادمة (١) (وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ ...).
والقرآن الكريم يردّ على هؤلاء أوّلا من خلال عبارة : (يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً) أي أن هؤلاء بدل أن يخافوا الله القادر القهار ، أخذتهم الرّجفة واستولى عليهم الرعب من إنسان ضعيف عاجز ، بل أصبح خوفهم من هذا
__________________
(١) تدل بعض الأحاديث أنّ هذا النفر من المسلمين كان قد سمع بحديث نهضة المهدي المنتظر ، فكان البعض منهم يترقب أن يؤخر الجهاد إلى زمن المهدي عليهالسلام ، تفسير نور الثقلين ، الجزء الأوّل ، ص ٥١٨.