التّفسير
كل انسان مسئول عمّا كلّف به :
بعد ما تقدم من الآيات الكريمة حول الجهاد ، تأتي هذه الآية لتعطي أمرا جديدا وخطيرا إلى الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنّه مكلّف بمواجهة الأعداء وجهادهم حتى لو بقي وحيدا ولم يرافقه أحد من المسلمين إلى ميدان القتال. لأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم مسئول عن أداء واجبه هو، وليس عليه مسئولية بالنسبة للآخرين سوى التشويق والتحريض والدعوة الى الجهاد:(فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ).
الآية تشتمل على حكم اجتماعي مهم يخصّ القادة ، ويدعوهم إلى التزام الرأي الحازم والعمل الجاد في طريقهم ومسيرتهم نحو الهدف المقدس الذي يعملون ويدعون من أجله، حتى لو لم يجدوا من يستجيب لدعوتهم ، لأنّ استمرار الدعوة غير مشروط باستجابة الآخرين لها،وأي قائد لا يتوفر فيه هذا الحزم فهو بلا ريب عاجز عن النهوض بمهام القيادة ، فلا يستطيع أن يواصل الطريق نحو تحقيق الأهداف المرجوة خاصّة القادة الإلهيون الذين يعتمدون على الله ... مصدر كل قدرة وقوّة في عالم الوجود ، وهو سبحانه أقوى من كل ما يدبّره الأعداء من دسائس ومكائد بوجه الدّعوة ، لذلك تقول الآية : (عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً (١) وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً) (٢).
معنى كلمتي «عسى» و «لعل» في كلام الله :
في كلمة «عسى» طمع وترج ، وفي كلمة «لعل» طمع وإشفاق ، هنا يتبادر إلى
__________________
(١) البأس والبأساء بمعنى الشدّة والقهر والغلبة.
(٢) التنكيل من نكل في الشيء ، أي ضعف وعجز ، والنكل : قيد الدابة وحديدة اللجام لكونهما مانعين،والتنكيل :أداء عمل يردع مشاهده عن الذنب وهو العقاب الذي ينزل بالظالمين فيردعهم ويردع من يتعض بمصيرهم.