التّفسير
عقوبة القتل العمد :
لقد بيّنت الآية السابقة عقوبة ـ أو غرامة ـ القتل الناتج عن الخطأ ، وجاءت الآية الأخيرة عقوبة القتل عن عمد وسبق إصرار ، في حالة إذا كان القتيل من المؤمنين ، وبما أن جريمة قتل الإنسان من أعظم وأكبر الجرائم وأخطر الذنوب ، وان التهاون في مكافحة مثل هذه الجريمة يهدد أمن المجتمع وسلامة أفراده ، الأمن الذي يعتبر من أهم متطلبات المجتمع السليم ، لذلك فإنّ القرآن الكريم قد تناول هذه القضية في آيات مختلفة بأهمية بالغة ، حتى أنّه اعتبر قتل النفس الواحدة قتلا للناس جميعا ، إلّا أن يكون القتل عقابا لقتل مثله أو عقابا لجريمة الإفساد في الأرض حيث يقول القرآن في هذا المجال : (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) (١).
وقد قررت الآية ـ موضوع البحث ـ أربع عقوبات أخروية لمرتكب القتل العمد ، وعقوبة أخرى دنيوية هي القصاص ، والعقوبات الأخروية هي :
١ ـ الخلود والبقاء الأبدي في نار جهنم ، حيث تقول الآية : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها).
٢ ـ احاطة غضب الله وسخطه بالقاتل : (وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ ...).
٣ ـ الحرمان من رحمة الله : (وَلَعَنَهُ).
٤ ـ العذاب العظيم الذي ينتظره يوم القيامة : (وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) والملاحظ هنا أن العقاب الأخروي الذي خصصه الله للقاتل في حالة العمد ، هو أشدّ أنواع العذاب والعقاب بحيث لم يذكر القرآن عقابا أشدّ منه في مجال آخر أو لذنب آخر.
أمّا العقاب الدنيوي الذي وردت تفاصيله في الآية (١٧٩) من سورة البقرة ،
__________________
(١) الآية ٣٢ من سورة المائدة.