فهو القصاص ، وقد تطرقنا إليه لدى تفسير هذه الآية في الجزء الأوّل من كتابنا هذا.
جريمة القتل العمد والعقاب الأبدي :
يرد سؤال في هذا المجال ، وهو أن الخلود في العذاب قد ورد بالنسبة إلى من يموت كافرا ، بينما قد يكون مرتكب جريمة القتل العمد مؤمنا ، كما يحتمل أن يندم على ما ارتكبه من إثم ويتوب عن ذلك في الدنيا ، ويسعى إلى تعويض وتلافي ما حصل بسبب جريمته ، فكيف إذن يستحق مثل هذا الإنسان عذابا أبديا وعقابا يخلد فيه؟
إنّ جواب هذا السؤال يشتمل على ثلاث حالات هي :
١ ـ قد يكون المراد بقتل المؤمن ـ الوارد في الآية موضوع البحث ـ هو القتل بسبب إيمان الشخص ، أي استباحة دم المؤمن ، وواضح من هذا إنّ الذي يعمد إلى ارتكاب جريمة قتل كهذه إنما هو كافر عديم الإيمان ، وإلا كيف يمكن لمؤمن أن يستبيح دم أخيه المؤمن ، وبناء على هذا يستحق القاتل الخلود في النار ويستحق العذاب والعقاب المؤبد، وقد نقل عن الإمام الصادق عليهالسلام حديث بهذا الفحوى (١).
٢ ـ كما يحتمل أن يموت مرتكب جريمة القتل العمد مسلوب الإيمان بسبب تعمده قتل إنسان مؤمن بريء ، فلا يحظى بفرصة للتوبة عن جريمته ، فينال في الآخرة العذاب العظيم المؤبد.
٣ ـ ويمكن أيضا ـ أن يكون المراد بعبارة «الخلود» الواردة في الآية هو العذاب الذي يستمر لآماد طويلة وليس العذاب المؤبد.
ويمكن أن يطرح سؤال آخر ـ في هذا المجال ـ وهو هل أنّ جريمة القتل
__________________
(١) فقد ورد في كتاب الكافي وتفسير العياشي في تفسير هذه الآية عن الإمام الصادق عليهالسلام قوله : «إن من قتل مؤمنا على دينه فذلك المتعمد الذي قال الله تعالي في كتابه عنه : «وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً».