التّفسير
تعقيبا للبحوث الخاصّة بالجهاد ، تشير الآيات الثلاث الأخيرة إلى المصير الأسود الذي كان من نصيب أولئك الذين ادعوا الإسلام ولكنهم رفضوا أن يطبقوا خطة الإسلام في الهجرة ، فانحرفوا إلى مزالق رهيبة ، فكانت نتيجة انحرافهم أن أصابهم القتل وهم في صفوف المشركين.
فالقرآن الكريم يذكر كيف أنّ الملائكة لدى قبضهم لأرواح هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم ، يسألونهم عن حالهم في الدنيا وأنّهم لو كانوا حقا من المسلمين ، فلما ذا اشتركوا في صفوف المشركين لقتال المسلمين (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ ...) فيجيب هؤلاء بأنّهم تعرضوا في مواطنهم للضغط وأن ذلك أعجزهم عن تنفيذ الأمر الإلهي (قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ).
لكن عذرهم هذا لم يقبل منهم ، إذ يرد الملائكة عليهم قائلين : لما ذا لم تتركوا موطن الشرك وتنجوا بأنفسكم من الظلم ، والكبت عن طريق الهجرة إلى أرض غير أرضكم من أرض الله الواسعة ، (قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها).
وفي النهاية تشير الآية إلى مصير هؤلاء فتقول بأنّ الذين امتنعوا عن الهجرة لأسباب واهية أو لمصالحهم الشخصية ، وقرروا البقاء في محيط ملوث وفضلوا الكبت والقمع على الهجرة فإن مكان هؤلاء سيكون في جهنم ، وإن نهايتهم وعاقبتهم هناك ستكون سيئة لا محالة : (فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً).
أمّا الآية الاخرى من الآيات الثلاث المذكورة ، فهي تستثني المستضعفين والعاجزين الحقيقيين لا المزيفين ، فتقول : إنّ أولئك الرجال والنساء والأطفال الذين لم يجدوا لأنفسهم مخرجا للهجرة ، ولم يتمكنوا من إيجاد وسيلة للنجاة من