و «مراغم» صيغة لاسم المفعول واسم مكان أيضا.
وقد وردت في الآية هذه بمعنى اسم مكان كذلك ، أي أنّها المكان الذي يمكن فيه تحقيق الحق وتطبيقه والعمل به ، كما يمكن فيه إدانة المعارضين للحق وتمريغ أنفهم بالتراب.
بعد ذلك تشير الآية في القسم الثاني منها إلى الجانب المعنوي الأخروي للهجرة:(وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) ، وعلى هذا الأساس فإن المهاجرين في كل الأحوال سينالهم نصر كبير ، سواء وصلوا إلى المكان الذي يستهدفونه ليتمتعوا فيه بحرية العمل بواجباتهم ، أو لم يصلوا إليه فيفقدوا حياتهم في هذا الطريق ، وفي هذا المجال وعلى الرغم من بداهة حقيقة تلقي الصالحين أجرهم من الله سبحانه وتعالى ، إلّا أنّ الآية موضوع البحث قد صرحت بهذا الأمر بقولها : (فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ ...) وهذا يوضح مدى عظمة وأهمية الثواب والأجر الذي يناله المهاجرون.
الإسلام والهجرة :
إنّ الإسلام ـ استنادا إلى هذه الآية وآيات كثيرة أخرى ـ يأمر المسلمين بكل صراحة بالهجرة من المحيط الذي يعانون فيه ـ لأسباب خاصّة ـ من عدم التمكن من أداء واجباتهم إلى محيط ومنطقة آمنة ، وسبب هذا الأمر واضح ، لأنّ الإسلام لا يحدّ بمكان ولا يقيد بمحيط معين خاص ، ولهذا فإن التمسك المفرط بالمحيط ومحل التولد والعلاقات المختلفة الاخرى لا تقف في نظر الإسلام حائلا دون هجرة المسلمين.
ولذلك نرى انفصام كل هذه العلاقات في الصدر الأوّل للإسلام ومن أجل حماية الإسلام وتقدمه ، وفي هذا المجال يقول أحد المؤرخين الغربيين : إنّ