المبرر وغير الوجيه (١).
التّفسير
المعجبون بأنفسهم :
المرتكبون لقبائح الفعال على نوعين : طائفة تستحي من أفعالها فور انتباهها إلى قبح ما فعلت ، وهي لم تفعل ما فعلت من القبيح إلّا لطغيان غرائزها ، وهيجان شهواتها ، وهذه الطّائفة سهلة النّجاة جدا ، لأنها تندم بعد كل قبيح ترتكبه ، وتتعرض لوخز ضميرها وعتب وجدانها باستمرار.
بيد أنّ هناك طائفة اخرى ليست فقط لا تشعر بالندم والحياء ممّا ارتكبت من الإثم،بل هي على درجة من الغرور والإعجاب بالنفس بحيث تفرح بما فعلت ، بل تتبجح به وتتفاخر ، بل وفوق ذلك تريد أن يمدحها الناس على ما لم تفعله أبدا من صالح الأعمال وحسن الفعال.
إنّ الآية الحاضرة تقول عن هؤلاء : (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ) أي لا تحسبن أن هؤلاء يعذرون على موقفهم هذا وينجون من العذاب ، إنّما النجاة لمن يستحون ـ على الأقل ـ من أعمالهم القبيحة ، ويندمون على أنّهم لم يفعلوا شيئا من الأعمال الصالحة.
إنّ هؤلاء المعجبين بأنفسهم ليسوا فقط ضلّوا طريق النجاة وحرّموا من الخلاص ، بل (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) ينتظرهم.
ويمكن أن نستفيد من هذه الآية أن ابتهاج الإنسان بما وفق لفعله وإتيانه من صالح الإعمال ليس مذموما (إذا كان ذلك لا يتجاوز حد الاعتدال ، ولم يكن سببا للغرور والعجب) ، وهكذا الحال في رغبة الإنسان في التشجيع والإجلال على
__________________
(١) أسباب النزول للواقدي في تفسير هذه الآية وتفسير المنار وتفسير مجمع البيان.