فلمّا رأى أخوة السارق ذلك حاولوا استرضاء «لبيد» ولكنّهم لمّا علموا أنّ القضية قد وصلت إلى أسماع النّبي بواسطة «قتادة» لجؤوا إلى أحد متكلمي قبيلتهم فطلبوا منه أن يذهب مع جمع من الناس إلى النّبي ويتظاهر بأنّ الحق إلى جانبهم ليبرئ السارق ويتهم «قتادة» بتلفيق التهمة على شقيقهم ، وقد قبل النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم استنادا إلى واجب العمل بظاهر الأمور ـ شهادة تلك المجموعة وأنّب «قتادة» على عمله.
وقد تألم «قتادة» الذي كان يعرف نفسه برئيا ... تألم من هذه الواقعة وعاد إلى عمّه وأخبره بالحادث مظهرا أسفه الكبير لما حصل ، فخفف عليه عمّه وقال «لا تحزن يا قتادة إن الله في عوننا» فنزلت الآيتان المذكورتان لتعلنا براءة الرجل ، وتؤنبا مرتكبي الخيانة الحقيقيين.
ونقلوا ـ أيضا ـ واقعة أخرى في سبب نزول الآيتين ، وهي أن درعا لأحد الأنصار كانت قد سرقت في إحدى الحروب ، وكان الشك يدور على شخص من قبيلة «الأبيرق» في سرقة ذلك الدرع ، ولما علم السارق بأنّ الشكوك بدأت تدور حوله رمى بالدرع في دار أحد اليهود ، وطلب من قبيلته أن يشهدوا ببراءته أمام النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ويستدلوا بذلك على وجود الدرع في دار اليهودي ، ولمّا رأى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الأمر بتلك الصورة برأ هذا السارق بحسب ظاهر الشهادة التي جاءت لصالحه وأدين الرجل اليهودي بسرقة الدرع ، فنزلت الآيتان المذكورتان لتوضحا الحقيقة.
التّفسير
منع الدّفاع عن الخائنين :
يعرف الله سبحانه وتعالى ـ في بداية الآية (١٠٥) من سورة النساء ـ نبيّه محمّداصلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّ الهدف من إنزال الكتاب السماوي هو تحقيق مبادئ الحق