وقد قال المفسّرون الكثير في شأن الفرق بين هذين النوعين من الذنب ، وأقرب الأقوال إلى الذهن هو أنّ الخطيئة مشتقة من الخطأ ، والذي يعني في الأصل : الزلل أو الذنب الذي يصدر دون قصد من صاحبه ، ويكون أحيانا مشمولا بالكفارة والغرامة لكن معنى الخطيئة قد توسع تدريجيا ، وأخذ يشمل كل ذنب سواء المتعمد أو غير المقصود، حيث أنّ روح الإنسان لا تحتمل الذنب ـ أكان عمدا أو عن غير عمد ـ وحين يصدر الذنب من الإنسان إنّما هو في الحقيقة نوع من الزلل والخطأ الذي لا يناسب مقامه كإنسان.
والنتيجة من هذا القول أنّ الخطيئة لها معنى واسع يشمل الذنب المتعمد والذنب الصادر عن غير عمد ، أمّا كلمة «إثم» فتطلق عادة على الذنوب الصادرة عن عمد،وتعني ـ في الأصل ـ ذلك الشيء الذي يمنع الإنسان من عمل معين ، ولما كانت الذنوب تحول دون وصول الخيرات إلى الإنسان فقد سميت «إثما».
وتجدر الإشارة إلى أنّ الآية استخدمت كناية جميلة بالنسبة للتهمة ، وهي أنّها جعلت الذنب في هذا المجال كالسهم ، وجعلت نسبته إلى الغير زورا بمثابة رمي السهم صوب الهدف، وهذه إشارة إلى أنّه في حين أن تصويب السهم نحو إنسان آخر قد يؤدي إلى القضاء عليه ، فإنّ رمي الإنسان البريء بذنب لم يقترفه يكون بمثابة رمية بسهم يقضي على سمعته التي هي بمنزلة دمه.
وبديهي أنّ وزر وعاقبة هذا العمل تكونان في النهاية ـ وإلى الأبد ـ على عاتق الشخص الذي ينسب التهمة زورا إلى غيره ، وأن عبارة «احتمل» الواردة في الآية تعني أخذ على عاتقه إنّما جاءت للدلالة على ثقل وبقاء هذه المسؤولية!
جريمة البهتان :
إنّ اتهام إنسان بريء يعتبر من أقبح الأعمال التي أدانها الإسلام بعنف ، وإنّ