ويذكر بعض المفسّرين سببا آخر لنزول هذه الآية وهو أنّ جماعة من قبيلة «بني ثقيف» وردوا على النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فذكروا له أنّهم مستعدون لمبايعته بشرطين : الأوّل هو أن يرغم أفراد هذه القبيلة على كسر أصنامهم بأيديهم ، والثّاني أن يسمح النّبي لهم بأن يواصلوا عبادة صنمهم (العزى) لسنة واحدة أخرى! فنزل أمر الله على النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن لا يبدي أية مرونة أمام هؤلاء ، حيث نزلت الآية المذكورة وأعلنت بأن فضل الله ورحمته قد شملت النّبي وصانته من تلك الوساوس.
بعد ذلك تذكر الآية أن هؤلاء القوم إنّما يرمون بأنفسهم في الضلالة ولا يضرّون بعملهم النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم شيئا ، إذ تقول (... وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ ...).
وأخيرا توضح الآية سبب عصمة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الخطأ والزلل والذنب ، فتذكر أنّ الله أنزل على نبيّه الكتاب والحكمة وعلمه ما لم يكن يعلم من قبل : (وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ...) ثمّ تردف الآية ذلك بجملة : (وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً).
مصدر عصمة الأنبياء! :
إنّ هذه الآية الأخيرة من الآيات التي تشير إلى عصمة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن ارتكاب الخطأ والسهو والذنب ، فتقول بأنّ العون الإلهي الذي شمل النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الذي صانه من الخطأ والضلالة التي كان يريد المنافقون أن يوقعوه فيهما ، ولكنّهم وبفضل هذه المعونة الإلهية عجزوا عن تحقيق مآربهم ، ولم يلحق النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أي ضرر نتيجة كيد المنافقين.
وهكذا فقد عصم الله نبيّه وصانه من كل خطأ أو سهو أو ذنب ، كي يستطيع النّبيصلىاللهعليهوآلهوسلم أن يصبح قدوة وأسوة للامّة الإسلامية ونبراسا لها في فعل الخيرات