حجية الإجماع :
يعتبر الإجماع أحد الأدلة الفقهية الأربعة ، وهو بمعنى اتفاق علماء ومفكري الإسلام حول مسألة فقهية. وذكروا في علم أصول الفقه أدلة مختلفة لإثبات حجية الإجماع ، ومن ضمنها الآية الأخيرة التي مرّ البحث في تفسيرها ، إذ يعتبرها البعض دليلا على حجية الإجماع لأنّها تقول أنّ من يختار طريقا غير طريق المؤمنين سيكون له مصير مشؤوم أسود في الدنيا والآخرة.
وبناء على هذه الآية ، فإنّ أي طريق يختاره المؤمنون ـ في أي مسألة كانت ـ يجب على الجميع السير في هذا الطريق.
والحقيقة أنّ هذه الآية لا صلة لها بمسألة حجية الإجماع ، لا من قريب ولا من بعيد (وطبيعي إنّنا نقبل حجّية الإجماع الذي يكشف لنا عن قول المعصوم ، ولكننا نعتبر حجية السنة وقول المعصوم دليلا لحجية هذا الإجماع ، وليس الآية المذكورة).
والسبب في عدم قبولنا دلالة هذه الآية على حجية الإجماع ، هو أنّها تعين أوّلا:عقوبات للأشخاص الذين يخالفون النّبي صراحة وعن علم وإدراك ، ويختارون طريقا غير طريق المؤمنين ، فهذان العنصران يشكّلان باتحادهما العلّة لذلك المصير المشؤوم ، مع التأكيد بأن هذا المصير إنّما يتحقق لدى اختيار الشخص للعنصرين المذكورين عن علم ودراية. وليس لهذا الموضوع أية صلة بمسألة حجية الإجماع ، ولا يدل بوحده على هذه الحجية.
والأمر الثّاني : هو أنّ المقصود بعبارة (سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) الواردة في الآية ، هو طريق التوحيد والخضوع لله وحده ، وهو مبدأ الإسلام ، وليس معناه الفتاوى الفقهية أو الأحكام الفرعية ، وهذه الحقيقة يثبتها ظاهر الآية بالإضافة إلى ما قيل في سبب نزولها.
والحقيقة هي أنّ السير في طريق غير طريق المؤمنين لا يتجاوز عن كونه