أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ...) (١) ولذلك نزلت الآية الأخيرة هذه ودحضت كل تلك الدعاوى وحددت قيمة كل شخص بما يقوم به من أعمال.
التّفسير
امتيازات حقيقية وأخرى زائفة :
لقد بيّنت هذه الآية واحدا من أهم أعمدة أو أركان الإسلام ، هو أنّ القيمة الوجودية لأي إنسان وما يناله من ثواب أو عقاب ، لا تمت بصلة إلى دعاوى وأمنيات هذا الإنسان مطلقا ، بل أن تلك القيمة ترتبط بشكل وثيق بعمل الإنسان وإيمانه وأنّ هذا مبدأ ثابت ، وسنّة غير قابلة للتغيير ، وقانون تتساوى الأمم جميعها أمامه ، ولذلك تقول الآية في بدايتها : (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ ...) وتستطرد فتقول : (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً).
وكذلك الذين يعلمون الخير ، ويتمتعون بالإيمان ، سواء أكانوا من الرجال أو النساء ـ فإنّهم يدخلون الجنّة ولا يصيبهم أقل ظلم أبدا ، حيث تقول الآية : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً) (٢).
وبهذه الصورة يعمد القرآن إلى نبذ كل العصبيات بكل بساطة ، معتبرا الاعتبارات والارتباطات المصطنعة الخيالية والاجتماعية والعرقية وأمثالها خاوية من كل قيمة إذا قيست برسالة دينية ، ويعتبر الإيمان بمبادئ الرسالة والعمل بأحكامها هو الأساس.
وفي تفسير الآية الأولى من الآيتين الأخيرتين حديث نقلته مصادر الشيعة
__________________
(١) آل عمران ، ١١٠.
(٢) لقد أوضحنا المراد من عبارة «نقير» في تفسير الاية ٥٣ من نفس هذه السورة.